3 3 - الإسراف في المعصية مما يلفت النظر أنه قد ذكرت في الآيات - محل البحث - هذه العقوبات المؤلمة للأفراد الذين يسرفون ولا يؤمنون بآيات الله.
إن التعبير ب " الإسراف " هنا قد يكون إشارة إلى أنهم قد استعملوا تلك النعم والعطايا الإلهية، كالعين والاذن والعقل، في طرق الشر، وليس الإسراف إلا أن يتلف الإنسان هذه النعم من غير هدف.
أو أن يكون إشارة إلى أن المذنبين قسمان: قسم لهم ذنوب محدودة، وفي قلوبهم خوف الله، أي أنهم لم يقطعوا ارتباطهم وصلتهم بالله تماما، فإذا ما ظلموا - على سبيل الفرض - يتيما أو ضريرا فإنهم لا يستبيحون ذلك العمل، بل يعدون أنفسهم مقصرين أمام الله. ولا شك أن مثل هذا الفرد عاص يستحق العقاب، إلا أن بينه وبين من يقترف الذنوب بلا حساب - ولا يعتبر ذلك ذنبا، ولا يعترف بمعيار للذنب وعدمه، بل ويفتخر أحيانا بارتكابه المعاصي، أو يحتقر الذنب ويستصغره - فرقا شاسعا، لأن القسم الأول يمكن أن يتوبوا في النهاية ويجبروا ما صدر عنهم من ذنوب، أما أولئك الذين يسرفون في الذنوب فلا توبة لهم.
3 4 - ما هو الهبوط؟
" الهبوط " في اللغة بمعنى النزول الإجباري، كسقوط الصخرة من مرتفع ما، وعندما تستعمل في حق الإنسان فإنها تعني الإبعاد والإنزال عقابا له.
وبملاحظة أن أدم قد خلق للحياة على وجه الأرض، وكانت الجنة أيضا بقعة خضراء وفيرة النعمة من هذا العالم، فإن هبوط ونزول آدم هنا يعني النزول المقامي لا المكاني، أي إن الله سبحانه قد نزل مقامه لتركه الأولى، وحرمه من كل نعم الجنة تلك، وابتلاه بمصائب هذه الدنيا ومتاعبها.