والخلاصة، إن الصلاة إن أقيمت على وفق آدابها اللازمة، أصبحت أرضية أمينة لأعمال الخير جميعا.
وجدير بالذكر إلى أن الآيتين الأولى والأخيرة تضمنت كل واحدة منها موضوعا يختلف عن الآخر، فالآية الأولى تضمنت الصلاة بصورة مفردة، والأخيرة بصورة جماعية. الأولى تضمنت الخشوع والتوجه الباطني إلى الله. هذا الخشوع الذي يعتبر جوهر الصلاة، لأن له تأثيرا في جميع أعضاء جسم الإنسان، والآية الأخيرة أشارت إلى آداب وشروط صحة الصلاة من حيث الزمان والمكان والعدد، فأوضحت للمؤمنين الحقيقيين ضرورة مراعاة هذه الآداب والشروط في صلاتهم.
وقد شرحنا أهمية الصلاة في المجلدات المختلفة لهذا التفسير. فليراجع تفسير الآية (114) من سورة هود وكذلك تفسير الآية (103) من سورة النساء وفي تفسير الآية (14) من سورة طه.
بعد بيان هذه الصفات الحميدة، بينت الآية التالية حصيلة هذه الصفات فقالت: أولئك هم الوارثون.
أولئك الذين يرثون الفردوس ومنازل عالية وحياة خالدة الذين يرثون الفردوس هم فيها خالدون.
" الفردوس " - على قول - هي مفردة رومية. وذهب آخرون إلى أنها عربية، وقيل فارسية بمعنى " البستان ". أو بستان خاص اجتمعت فيه جميع تسميتها بالجنة العالية، وأفضل البساتين.
ويمكن أن تكون عبارة " يرثون " إشارة إلى نيل المؤمنين لها دون تعب مثلما يحصل الوارث الإرث دون تعب. وصحيح أن الإنسان يبذل جهودا واسعة ويضحي بوقته ويسلب راحته في بناء ذاته والتقرب إلى الله، إلا أن هذا الجزاء الجميل أكثر بكثير من قدر هذه الأعمال البسيطة، وكأن المؤمن ينال الفردوس