والثانية: إنهم وهم فيما اشتهت أنفسهم خالدون فليس حالهم كما في هذه الدنيا المحدودة، حيث أن الإنسان يأمل كثيرا من النعم دون أن ينالها، فإنهم ينالون كل نعمة يريدونها، مادية كانت أو معنوية، وليس ذلك على مدى يوم أو يومين، بل على امتداد الخلود.
والثالثة: إنهم لا يحزنهم الفزع الأكبر. وقد اعتبر بعضهم أن هذا الفزع الأكبر إشارة إلى أهوال يوم القيامة التي هي أكبر من كل هول وفزع، وعده بعضهم إشارة إلى نفخة الصور واختلافات الأحوال وتبدلها عند انتهاء هذه الدنيا، والزلزال العجيب الذي سيدك أركان هذا العالم كما جاء في الآية (87) من سورة النحل. ولكن لما كان هول يوم القيامة وفزعها أهم وأكبر من جميع تلك الأمور، فإن التفسير الأول يبدو هو الأصح.
والرابعة: من ألطاف الله تعالى لهؤلاء هو ما ذكرته الآية محل البحث:
وتتلقاهم الملائكة هذا يومكم الذي كنتم توعدون.
وفي نهج البلاغة أن أمير المؤمنين عليا (عليه السلام) قال: " فبادروا بأعمالكم تكونوا مع جيران الله في داره، رافق بهم رسله، وأزارهم ملائكته، وأكرم أسماعهم أن تسمع حسيس جهنم أبدا " (1).
* * *