يعني اقتدار هذه الأمة، وفي هذه الحالة سيتعرض سلطان الفراعنة وعرشهم إلى الخطر.
والنقطة الأخرى في هذه العبارة القصيرة، هي أن فرعون قد اتهم موسى بالسحر، وهذا هو ما اتهم به كل الأنبياء عند إظهار معجزاتهم البينة، كما نقرأ ذلك في الآيتين (52 - 53) من سورة الذاريات: كذلك ما أتى الذين من قبلهم من رسول إلا قالوا ساحر أو مجنون. أتواصوا به بل هم قوم طاغون.
وتجدر الإشارة إلى هذه المسألة أيضا، وهي أن إثارة المشاعر الوطنية وحب الوطن في مثل هذه المواضع أمر مدروس بدقة كاملة، لأن أغلب الناس يحبون أرضهم ووطنهم كحبهم أنفسهم وأرواحهم، ولذلك جعلوا هذين الأمرين في مرتبة واحدة، كما في بعض آيات القرآن: ولو أنا كتبنا عليهم أن اقتلوا أنفسكم أو اخرجوا من دياركم ما فعلوه إلا قليل منهم (1).
ثم أضاف فرعون بأن لا تظن بأننا نعجز عن أن نأتي بمثل هذا السحر فلنأتينك بسحر مثله، ولكي يظهر حزما أكثر فإنه قال: فاجعل بيننا وبينكم موعدا لا نخلفه نحن ولا أنت مكانا سوى.
وذكر البعض في تفسير مكانا سوى: إن المراد هو أن تكون فاصلته عنا وعنك متساوية، وقال بعضهم: أن تكون فاصلته متساوية بالنسبة إلى الناس، أي أن يكون المكان في وسط المدينة تماما، وقال بعض: المراد أن تكون الأرض أرضا مكشوفة ومسطحة يشرف عليها الجميع، وأن يتساوى في ذلك العالي والداني. ويمكن أن تعتبر كل هذه المعاني مجتمعة فيها.
وينبغي التذكير بأن الحكام الطغاة، ومن أجل أن يهزموا خصمهم في المعركة، ويرفعوا معنويات أتباعهم وأعوانهم الذين ربما وقعوا تحت تأثيره (كما في قصة