ويمكن أن يكون الأنبياء والأئمة وعباد الله المخلصون قدوة في مجال معين أو أكثر على وفق الظروف التي مروا بها، فاشتهروا ببعض الصفات دون أخرى، فواحدهم ميزان بما اشتهر به من حسنات وخصال حميدة.
ومن خفت موازينه وهم الذين فقدوا الإيمان والعمل الصالح، فوزنهم خفيف يوم القيامة، لأنهم خسروا رأسمال وجودهم: فأولئك الذين خسروا أنفسهم في جهنم خالدون عبارة خسروا أنفسهم تصريح بحقيقة خسران المذنبين لأكبر رأسمال لهم - أي وجودهم - في سوق تجارة الدنيا دون أن يحصلوا على مقابل.
وتشرح الآيات التالية عذابهم الأليم تلفح وجوههم النار ألسنة النار ولهيبها المحرق تضرب وجوههم كضرب السيف وهم فيها كالحون وهم من شدة الألم وعذاب النار، في عبوس واكفهرار.
وكلمة " تلفح " مشتقة من " لفح " على وزن " فتح " وتعني في الأصل ضربة السيف، وقد وردت هنا كناية، لأن لهيب النار، أو نور الشمس المحرقة، وريح السموم، تضرب وجه الإنسان كضرب السيف.
وأما كلمة " كالح " فإنها مشتقة من " كلوح " على وزن " فعول " بمعنى التعبيس واكفهرار الوجه. وقد فسره عدد كبير من المفسرين بتقلص في جلد الوجه بحيث يبقى الثغر مفتوحا لا يمكن إغلاقه (1).
* * *