أهلكناها سابقا كانت قد طلبت مثل هذه المعاجز، ولكن لما استجيب طلبهم كذبوا بها، فهل يؤمن هؤلاء؟: ما آمنت قبلهم من قرية أهلكناها أفهم يؤمنون؟
وهي تنذرهم بصورة ضمنية بأن الآيات لو تحققت على ما اقترحتم ثم لم تؤمنوا، فإن فناءكم حتمي!
ويحتمل أيضا في تفسير هذه الآية أن القرآن يشير - في هذه الآية - إلى كل إشكالات هؤلاء المتناقضة ويقول: إن هذا التعامل مع دعوة الأنبياء الحقيقيين ليس جديدا، فإن الأفراد العنودين كانوا يتوسلون دائما بهذه الأساليب، ولم تكن عاقبة عملهم وأمرهم إلا الكفر، ثم الهلاك والعذاب الأليم.
ثم تطرقت الآية التالية إلى جواب الإشكال الأول - خاصة - حول كون النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) بشرا، فتقول: إنك لست الوحيد في كونك نبيا، وفي نفس الوقت أنت بشر وما أرسلنا قبلك إلا رجالا نوحي إليهم فإن هذه حقيقة تاريخية يعرفها الجميع فاسألوا أهل الذكر إن كنتم لا تعلمون.
3 من هم أهل الذكر؟
لا شك أن أهل الذكر تشمل من الناحية اللغوية كل العلماء والمطلعين، والآية أعلاه تبين قانونا عقلائيا عاما في مسألة (رجوع الجاهل إلى العالم) فإن مورد ومصداق الآية وإن كان علماء أهل الكتاب، إلا أن هذا لا يمنع من عمومية القانون. ولهذه العلة استدل علماء وفقهاء الإسلام بهذه الآية في مسألة " جواز تقليد المجتهدين المسلمين ".
وإذا رأينا في بعض الروايات التي وصلتنا عن أهل البيت (عليهم السلام) بأن أهل الذكر قد فسرت بعلي (عليه السلام) أو سائر الأئمة (عليهم السلام)، فلا يعني ذلك الحصر، بل هو بيان لأوضح مصاديق هذا القانون الكلي. ولزيادة الإيضاح حول هذا الموضوع، اقرأ تفسير الآية (43) من سورة النحل من هذا الكتاب.