وعلى كل حال، فإنه ذهب مغاضبا فظن أن لن نقدر (1) عليه فقد كان يظن أنه قد أدى كل رسالته بين قومه العاصين، ولم يترك حتى " الأولى " في هذا الشأن، فلو تركهم وشأنهم فلا شئ عليه، مع أن الأولى هو بقاؤه بينهم والصبر والتحمل والتجلد، فلعلهم ينتبهون من غفلتهم ويتجهون إلى الله سبحانه.
وأخيرا، ونتيجة تركه الأولى هذا، ضيقنا عليه فابتلعه الحوت فنادى في الظلمات أن لا إله إلا أنت سبحانك إني كنت من الظالمين فقد ظلمت نفسي، وظلمت قومي، فقد كان ينبغي أن أتقبل وأتحمل أكثر من هذه الشدائد والمصائب، وأواجه جميع أنواع التعذيب والآلام منهم فلعلهم يهتدون.
وتقول الآية التالية: فاستجبنا له ونجيناه من الغم وكذلك ننجي المؤمنين أجل لم يكن هذا الأمر خاصا بيونس، بل هو لطف الله الشامل فكل مؤمن يعتذر من ربه عن تقصيره ويسأله العون والمدد والرحمة فإن الله سيستجيب له ويكشف عنه غمه.
* * * 2 بحوث 3 1 - قصة يونس (عليه السلام) ستأتي تفاصيل قصة يونس في تفسير سورة الصافات إن شاء الله تعالى، أما ملخصها فهو:
إن " يونس " كان لسنين طوال مشتغلا بالدعوة والتبليغ بين قومه في أرض نينوى بالعراق، ولكن رغم كل ما بذله من جهود ومساع فإن إرشاداته وتوجيهاته لم تؤثر في قلوبهم، فغضب وهجر تلك الأرض، وذهب باتجاه البحر وركب