لا تحس ولا تتكلم وإذا كنتم تقولون: إنها سنة آبائكم، فقد كنتم أنتم وآباؤكم في ضلال مبين.
وفي المرحلة الثانية أقدم على خطة عملية ليبين أن هذه الأصنام ليست لها تلك القدرة على إهلاك كل من ينظر إليها نظرة احتقار، خاصة وأنه ذهب إليها مع سابق إنذار وحطمها تماما، وليوضح أن تلك الأوهام التي حاكوها مجتمعين لا فائدة ولا ثمر فيها.
وفي المرحلة الثالثة أوصلهم في تلك المحكمة التاريخية إلى طريق مسدود، فمرة دخل إليهم عن طريق فطرتهم، وتارة خاطب عقولهم، وأخرى وعظهم، وأحيانا وبخهم ولامهم.
والخلاصة، فإن هذا المعلم الكبير قد دخل من كل الأبواب، واستخدم كل طاقته، إلا أن من المسلم أن القابلية شرط في التأثير، وكان هذا قليل الوجود بين أولئك القوم للأسف.
ولكن لا شك أن كلمات إبراهيم (عليه السلام) وأفعاله بقيت كأرضية للتوحيد، أو على الأقل بقيت كعلامات استفهام في أذهان أولئك، وأصبحت مقدمة ليقظة ووعي أوسع في المستقبل. ويستفاد من التواريخ أن جماعة آمنوا به، وهم وإن قلوا عددا، إلا أنهم كانوا من الأهمية بمكان، إذ هيأوا الاستعداد النسبي لفئة أخرى.
* * *