جديدة إلى سجل افتخاراته، وكما يقول القرآن الكريم: قلنا يا نار كوني بردا وسلاما على إبراهيم.
لا شك أن أمر الله هنا كان أمرا تكوينيا، كالأمر الذي يصدره في عالم الوجود إلى الشمس والقمر، والأرض والسماء، والماء والنار، والنباتات والطيور.
والمعروف أن النار قد بردت بردا شديدا إصطكت أسنان إبراهيم منه، وحسب قول بعض المفسرين: إن الله سبحانه لو لم يقل: سلاما، لمات إبراهيم من شدة البرد. وكذلك نقرأ في رواية مشهورة أن نار النمرود قد تحولت إلى حديقة غناء (1). حتى قال بعض المفسرين إن تلك اللحظات التي كان فيها إبراهيم في النار، كانت أهدأ وأفضل وأجمل أيام عمره (2).
على كل حال، فهناك اختلاف كبير بين المفسرين في كيفية عدم إحراق النار لإبراهيم، إلا أن مجمل الكلام أنه في فلسفة التوحيد لا يصدر أي مسبب عن أي سبب إلا بأمر الله، فيقول يوما للسكين التي في يد إبراهيم: لا تقطعي، ويقول يوما آخر للنار: لا تحرقي، ويوما آخر يأمر الماء الذي هو أساس الحياة أن يغرق فرعون والفراعنة!
ويقول الله سبحانه في آخر آية من الآيات محل البحث على سبيل الاستنتاج باقتضاب: أنهم تآمروا عليه ليقتلوه ولكن النتيجة لم تكن في صالحهم وأرادوا به كيدا فجعلناهم الأخسرين.
لا يخفى أن الوضع قد اختلف تماما ببقاء إبراهيم سالما، وخمدت أصوات الفرح، وبقيت الأفواه فاغرة من العجب، وكان جماعة يتهامسون علنا فيما بينهم حول هذه الظاهرة العجيبة، وأصبحت الألسن تلهج بعظمة إبراهيم وربه، وأحدق الخطر بوجود نمرود وحكومته، غير أن العناد ظل مانعا من قبول الحق، وإن كان