بزعمهم - بمجاورة الأصنام. فما أن دخلوا المعبد حتى واجهوا منظرا أطار عقولهم من رؤوسهم، فقد وجدوا تلا من الأيادي والأرجل المكسرة المتراكمة بعضها على البعض الآخر في ذلك المعبد المعمور، فصاحوا وقالوا من فعل هذا بآلهتنا (1)؟! ولا ريب أن من فعل ذلك ف إنه لمن الظالمين فقد ظلم آلهتنا ومجتمعنا ونفسه! لأنه عرض نفسه للهلاك بهذا العمل.
إلا أن جماعة منهم تذكروا ما سمعوه من إبراهيم (عليه السلام) وازدرائه بالأصنام وتهديده لها وطريقة تعامله السلبي لهذه الآلهة المزعومة! قالوا سمعنا فتى يذكرهم يقال لهم إبراهيم (2).
صحيح أن إبراهيم - طبقا لبعض الروايات - كان شابا، وربما لم يكن سنه يتجاوز (16) عاما، وصحيح أن كل خصائص الرجولة من الشجاعة والشهامة والصراحة والحزم قد جمعت فيه، إلا أن من المسلم به أن مراد عباد الأصنام لم يكن سوى التحقير، فبدل أن يقولوا: إن إبراهيم قد فعل هذا الفعل، قالوا: إن فتى يقال له إبراهيم كان يقول كذا... أي إنه فرد مجهول تماما، ولا شخصية له في نظرهم.
إن المألوف - عادة - عندما تقع جريمة في مكان ما، فإنه ومن أجل كشف الشخص الذي قام بهذا العمل، تبحث علاقات الخصومة والعداء، ومن البديهي أنه لم يكن هناك شخص في تلك البيئة من يعادي الأصنام غير إبراهيم، ولذلك توجهت إليه أفكار الجميع، وقالوا فأتوا به على أعين الناس لعلهم يشهدون عليه بالجريمة.