واحتمل بعض المفسرين أن يكون المراد مشاهدة منظر عقاب إبراهيم، لا الشهادة على كونه مجرما. غير أن الآيات المقبلة التي لها صبغة التحقيق والاستجواب تنفي هذا الاحتمال، إضافة إلى أن التعبير ب " لعل " لا يناسب المعنى الثاني، لأن الناس إذا حضروا ساحة العقاب فسيشاهدون ذلك المنظر حتما، فلا معنى ل " لعل ".
فنادى المنادون في نواحي المدينة: " ليحضر كل من يعلم بعداء إبراهيم وإهانته للأصنام "، فاجتمع كل الذين كانوا يعلمون بالموضوع، وكذلك سائر الناس ليروا أين ستصل عاقبة عمل هذا المتهم؟
لقد حدثت ضجة وهمهمة عجيبة بين الناس، لأن هذا العمل كان في نظرهم جريمة لم يسبق لها نظير من قبل شاب مثير للفتن والمتاعب، وكانت قد هزت البناء الديني للناس.
وأخيرا تشكلت المحكمة، وكان زعماء القوم قد اجتمعوا هناك، ويقول بعض المفسرين: أن نمرود نفسه كان مشرفا على هذه المحاكمة، وأول سؤال وجهوه إلى إبراهيم (عليه السلام) هو أن: قالوا أأنت فعلت هذا بآلهتنا يا إبراهيم؟
هؤلاء لم يكونوا مستعدين حتى للقول: أأنت حطمت آلهتنا وجعلتها قطعا متناثرة؟ بل قالوا فقط: أأنت فعلت بآلهتنا ذلك؟
فأجابهم إبراهيم جوابا أفحمهم، وجعلهم في حيرة لم يجدوا منها مخرجا قال بل فعله كبيرهم هذا فاسألوهم إن كانوا ينطقون.
إن من أسس علم معرفة الجرائم أن يكون المتهم بادية عليه آثار الجريمة، والملاحظ هنا أن آثار الجريمة كانت بادية على يد الصنم الكبير، [وفقا للرواية المعروفة: إن إبراهيم جعل الفأس على رقبة الصنم الكبير].
لماذا تأتون إلي؟ ولماذا لا تتهمون إلهكم الكبير؟ ألا تحتملون أنه غضب على الآلهة الصغيرة، أو إنه اعتبرهم منافسيه في المستقبل فعاقبهم؟