جانبا مهما من حياة إبراهيم (عليه السلام) ومواجهته لعبدة الأصنام، فتقول أولا: ولقد آتينا إبراهيم رشده من قبل وكنا به عالمين.
" الرشد " في الأصل بمعنى السير إلى المقصد والغاية، ومن الممكن أن يكون هنا إشارة إلى حقيقة التوحيد، وأن إبراهيم عرفها واطلع عليها منذ سني الطفولة.
وقد يكون إشارة إلى كل خير وصلاح بمعنى الكلمة الواسع.
والتعبير ب من قبل إشارة إلى ما قبل موسى وهارون (عليهما السلام).
وجملة وكنا به عالمين إشارة إلى مؤهلات وإستعدادات إبراهيم لاكتساب هذه المواهب، وفي الحقيقة إن الله سبحانه لا يهب موهبة عبثا وبلا حكمة، فإن هذه المؤهلات استعداد لتقبل المواهب الإلهية، وإن كان مقام النبوة مقاما موهوبا.
ثم أشارت إلى أحد أهم مناهج إبراهيم (عليه السلام)، فقالت: إن رشد إبراهيم قد بان عندما قال لأبيه وقومه - وهو إشارة إلى عمه آزر، لأن العرب تسمي العم أبا - ما هذه التماثيل التي تعبدونها؟ إذ قال لأبيه وقومه ما هذه التماثيل التي أنتم لها عاكفون.
لقد حقر إبراهيم (عليه السلام) الأصنام التي كان لها قدسية في نظر هؤلاء بتعبير ما هذه (1) أولا، وثانيا بتعبير التماثيل لأن التمثال يعني الصورة أو المجسمة التي لا روح لها. ويقول تاريخ عبادة الأصنام: إن هذه المجسمات والصور كانت في البداية ذكرى للأنبياء والعلماء، إلا أنها اكتسبت قدسية وأصبحت آلهة معبودة بمضي الزمان.
وجملة أنتم لها عاكفون بملاحظة معنى " العكوف " الذي يعني الملازمة المقترنة بالاحترام، توحي بأن أولئك كانوا يحبون الأصنام، ويطأطئون رؤوسهم