فجاء القرآن يرد على زعمهم وتصورهم هذا فقال: وما كان لنبي أن يغل (1) أي أنكم تصورتم وظننتم أن النبي يخونكم، والحال أنه ليس لنبي أن يغل ويخون أحدا.
إن الله سبحانه ينزه في هذه الآية جميع الأنبياء والرسل من الخيانة، ويقول إن هذا الأمر لا يصلح - أساسا - للأنبياء، ولا يتناسب أساسا مع مقامهم العظيم.
يعني أن الخيانة لا تتناسب مع النبوة، فإذا كان النبي خائنا لم يمكن الوثوق به في أداء الرسالة وتبليغ الأحكام الإلهية.
وغير خفي أن هذه الآية تنفي عن الأنبياء مطلق الخيانة سواء الخيانة في قسمة الغنائم أو حفظ أمانات الناس وودائعهم، أو أخذ الوحي وتبليغه للعباد.
ومن العجيب أن يثق أحد بأمانة النبي في الحفاظ على وحي الله، وتبليغه وأدائه، ثم يحتمل - والعياذ بالله - أن يخون النبي في غنائم الحرب، أو يقضي بما ليس بحق، ويحكم بما ليس بعدل، ويحرم أهلها منها من غير سبب.
إن من الوضوح بمكان أن الخيانة محظورة على كل أحد، نبيا كان أو غير نبي، ولكن حيث إن الكلام هنا يدور حول إعتذار تلك الجماعة المتمردة وتصوراتهم الخاطئة حول النبي الأكرم (صلى الله عليه وآله وسلم) لذلك تتحدث الآية عن الأنبياء أولا، ثم تقول:
ش ومن يغلل يأت بما غل يوم القيامة أي أن كل من يخون سيأتي يوم القيامة وهو يحمل على كتفه وثيقة خيانته، أو يصحبه معه إلى المحشر، وهكذا يفتضح أمام الجميع، وتنكشف أوراقه وتعرف خيانته.
قال بعض المفسرين أن المراد من حمل الخيانة على الظهر أو استصحاب ما