ولم يمض وقت طويل حتى عاد الرجلان وأخبرا النبي بما حصلا عليه حول قوات قريش وأن هذه القوات الكبيرة يقودها أبو سفيان.
وبعد أيام استدعى النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) جميع أصحابه وأهل المدينة لدراسة الموقف، وما يمكن أو يجب اتخاذه للدفاع، وبحث معهم في أمر البقاء في المدينة ومحاربة الأعداء الغزاة في داخلها، أو الخروج منها ومقاتلتهم خارجها. فاقترح جماعة قائلين " لا نخرج من المدينة حتى نقاتل في أزقتها فيقاتل الرجل الضعيف والمرأة والعبد والأمة على أفواه السكك وعلى السطوح، فما أرادنا قوم قط فظفروا بنا ونحن في حصوننا ودروبنا وما خرجنا إلى عدو لنا قط إلا كان الظفر لهم علينا، وكان هذا هو ما قاله " عبد الله بن أبي ".
وقد كان النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) يميل إلى هذا الرأي نظرا لوضع المدينة يومذاك، فهو كان (صلى الله عليه وآله وسلم) يرغب في البقاء في المدينة ومقاتلة العدو في داخلها، إلا أن فريقا من الشباب الأحداث الذين رغبوا في الشهادة وأحبوا لقاء العدو، خالفوا هذا الرأي الذي كان عليه الأكابر من أصحاب رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) فقالوا: اخرج بنا إلى عدونا، وقام سعد بن معاذ وغيره من الأوس فقالوا: يا رسول الله ما طمع فينا أحد من العرب ونحن مشركون نعبد الأصنام فكيف يطمعون فينا وأنت فينا، لا حتى نخرج إليهم فنقاتلهم فمن قتل منا كان شهيدا، ومن نجا منا كان قد جاهد في سبيل الله، وقال مثلها الآخرون.
وهكذا تزايدت الطلبات بالخروج من المدينة ومقابلة العدو خارجها حتى أصبح المقترحون بالبقاء أقلية.
فوافقهم النبي - رغم أنه كان يمل إلى البقاء في المدينة - احتراما لمشورتهم، ثم خرج مع أحد أصحابه ليرتب مواضع استقرار المقاتلين المسلمين خارج المدينة واختار الشعب من " أحد " لاستقرار الجيش الإسلامي باعتباره