الوصول إلى الرحمة الإلهية، والنعم والعطايا الربانية الخالدة وسارعوا إلى مغفرة من ربكم.
ش وسارعوا تعني تسابق اثنين أو أكثر للوصول إلى هدف معين فيحاول كل واحد - باستخدام المزيد من السرعة - أن يسبق صاحبه ومنافسه وهو أمر مندوب في الأعمال والأخلاق الصالحة، ومقبوح مذموم في الأفعال السيئة والأخلاق القبيحة.
إن القرآن الكريم يستفيد هنا - في الحقيقة - من نقطة نفسية هي أن الإنسان لا يؤدي عمله بسرعة فائقة إذا كان بمفرده، وكان العمل من النوع الروتيني، أما إذا اتخذ العمل طابع المسابقة والتنافس الذي يستعقب جائزة قيمة ومكافأة ثمينة نجده يستخدم كل طاقاته، ويزيد من سرعته لبلوغ ذلك الهدف، ونيل تلك الجائزة.
ثم إذا كان الهدف المجعول في هذه الآية هو " المغفرة " في الدرجة الأولى فلأن الوصول إلى أي مقام معنوي لا يتأتى بدون المغفرة والتطهر من أدران الذنوب، فلابد إذن من تطهير النفس من الذنوب أولا، ثم الدخول في رحاب القرب الإلهي، ونيل الزلفى لديه.
هذا هو الهدف أول.
وأما الهدف الثاني لهذا السباق المعنوي العظيم فهو " الجنة " التي يصرح القرآن الكريم أن سعتها سعة السماوات والأرض وجنة عرضها السماوات والأرض.
ثم إن هناك تفاوتا قليلا بين هذه الآية وبين الآية 21 من سورة الحديد ش سابقوا إلى مغفرة من ربكم وجنة عرضها كعرض السماء والأرض.
ففي هذه الآية ذكرت لفظة " المسابقة " مكان " المسارعة " كما ذكرت السماء