1 - إن المفسر المعروف صاحب تفسير " المنار " يعتقد أن هذه الآية تعلم المسلمين درسا كبيرا في مجال الاستفادة من الوسائل والأسباب الطبيعية للنصر، وإن وعد الله لهم بإنزال النصر عليهم، ليس بمعنى أن للمسلمين أن يتجاهلوا الوسائل الحربية، والتخطيط العسكري، وما شاكل ذلك من الأسباب المادية اللازمة للقتال ولتحقيق الانتصار، وانتظار أن يدعو لهم النبي لينزل عليهم النصر الإلهي، دون الأخذ بالأسباب القتالية المتعارفة، ولهذا جاءت الآية تخاطب النبي قائلة ليس لك من الأمر شئ بمعنى أن أمر النصر لم يوكل إليك، بل هو إلى الله، وقد جعل الله لتحقيقه سننا ونواميس يجب أن يستخدمها الناس حتى يتحقق لهم النصر والغلبة (وبالتالي فإن دعاء النبي وإن كان مؤثرا ومفيدا، إلا أن له موارد استثنائية خاصة).
وهذا الكلام وإن كان منطقيا في حد ذاته، إلا أنه لا يلائم ما جاء في ذيل الآية إذ يقول سبحانه: أو يتوب عليهم، أو يعذبهم ولهذا لا يمكن تفسير الآية بما قاله هذا الكاتب.
2 - إن هذه الآية وإن كانت تنفي أن يكون للنبي الحق في أن يغفر للكفار والمشركين أو يعذبهم، إلا أنها لا تتعارض مع ما يستفاد من الآيات الأخرى من تأثير دعائه (صلى الله عليه وآله وسلم) وعفوه وشفاعته، لأن المقصود في الآية الحاضرة هو نفي أن يكون للنبي كل ذلك على نحو الاستقلال، وعلى هذا لا ينافي أن يكون له كل ذلك (من العفو أو المجازاة) بإذن الله سبحانه.
فله بالتالي أن يعفو - بإذن الله - لمن أراد، أو يجازي حيث تصح المجازاة، كما أن له أن يهيئ عوامل النصر وأسباب الظفر، بل وله - بإذن الله - أن يحيي الموتى كما كان يفعل المسيح (عليه السلام) بإذنه سبحانه.
إن الذين تمسكوا بقوله تعالى: ليس لك من الأمر شئ لنفي وإنكار قدرة