إلا أن الآية لم تشر إلى ماهية طعام النبي وشرابه. يقول بعض: إن طعامه كان فاكهة التين وكان شرابه عصير بعض الفواكه، وكلاهما يسرع إليه الفساد والتفسخ كما هو معلوم، لذلك فإن بقاءهما هذه المدة الطويلة دون تلف أمر مهم.
وانظر إلى حمارك.
لم يذكر القرآن عن حماره شيئا في الآيات السابقة، إلا أن الآيات التالية تشير إلى أن حماره قد تلاشى تماما بمضي الزمان، ولولا ذلك لما كان هناك ما يشير إلى انقضاء مائة سنة، وهذا أمر عجيب أيضا، لأن حيوانا معروفا بطول العمر يتلاشى على هذه الصورة، بينما الذي يطرأ عليه التفسخ السريع كالفاكهة وعصيرها لم يتغير لا في الرائحة ولا في الطعم، وهذا منتهى تجلي قدرة الله.
ولنجعلك آية للناس.
أي أن حكايتك هذه ليست آية لك وحدك، بل هي كذلك للناس جميعا.
وانظر إلى العظام كيف ننشزها ثم نكسوها لحما.
" النشوز " هو الارتفاع والبروز، ويعني هنا رفع العظام من مكانها وتركيبها مرة أخرى. فمعنى الآية يكون: انظر إلى هذه العظام النخرة كيف نرفعها من مواضعها ونربط بعض ببعض ثم نغطيها باللحم ونحييها. واضح أن العظام المقصودة هي عظام حماره المتلاشي، لا عظام أهل القرية لما في ذلك من انسجام مع الآيات السابقة.
واحتمل بعض المفسرين أن المراد من العظام هي عظام نفس ذلك النبي، وهذا بعيد جدا، لأن الحديث كان بعد احياءه، وكذلك احتمل الآخرون هي عظام الحمار أو عظام الموتى الذين تعجب من احيائهم (1)، وهذا أيضا بعيد لأن الكلام