الله تعالى، فما المانع أن تتكرر ظاهرة الموت والحياة هذه.
قال كم لبثت قال لبثت يوما أو بعض يوم.
يسأل الله نبيه في هذه الآية عن المدة التي قضاها في النوم، فيتردد في الجواب بين قضائه يوما كاملا أو جزءا من اليوم. ويستفاد من هذا التردد أن الساعة التي أماته الله فيها تختلف عن الساعة التي أحياه فيها من ساعات النهار، كأن تكون إماتته قد حدثت مثلا قبل الظهر، وأعيد إلى الحياة بعد الظهر. لذلك انتابه الشك إن كان قد نام يوما كاملا بليله ونهاره، أم أنه لم ينم سوى بضع ساعات من النهار. ولهذا بعد أن قال إنه قضى يوما، راوده الشك فقال أو بعض يوم.
ولكنه ما لبث أن سمع الله يقول له: بل لبثت مائة عام.
ثم أن الله تعالى أمر نبيه بأن ينظر إلى طعامه الذي كان معه من جهة، وينظر إلى مركوبه من جهة أخرى ليطمئن إلى واقعية الأمر فالأول بقي سالما تماما. أما الثاني فتلاشى وأصبح رميما. ليعلم قدرة الله على حفظ الأشياء القابلة للفساد خلال هذه الأعوام، ويدرك من جهة أخرى مرور الزمان على وفاته:
فانظر إلى طعامك وشرابك لم يتسنه.
" لم يتسنه " من مادة " سنة " أي لم يمض عليه مدة سنة، لعدم تعفنه وتفسخه.
وعلى ذلك يكون معنى الآية: لاحظ طعامك وشرابك تجده كأنه لم تمض عليه سنة ولا مدة زمنية، فلم يتغير، أي أن الله القادر على إبقاء ما يسرع إليه التفسخ والفساد كالطعام والشراب، قادر أيضا على إحياء الموتى بيسر. فإبقاء الطعام والشراب نوع من إدامة الحياة لهذه المواد السريعة التفسخ، وعملية الإبقاء هذه ليست بأيسر من إحياء الموتى (1).