والانتصارات أثارت في اليهود الغرور شيئا فشيئا، وأخذوا بمخالفة القوانين، وأخيرا اندحروا على أيدي الفلسطينيين وخسروا قوتهم ونفوذهم بخسارتهم صندوق العهد، فكان أن تشتتوا وضعفوا ولم يعودوا قادرين على الدفاع عن أنفسهم حتى أمام أتفه أعدائهم، بحيث إن هؤلاء الأعداء طردوا الكثيرين منهم من أرضهم وأسروا أبناءهم.
استمرت حالهم على هذا سنوات طوالا، إلى أن أرسل إليهم الله نبيا اسمه " اشموئيل " لإنقاذهم وهدايتهم، فتجمع حوله اليهود الذين كانوا قد ضاقوا ذرعا بالظلم وكانوا يبحثون عن ملجأ يأوون إليه، وطلبوا منه أن يختار لهم قائدا وأميرا لكي يتوحدوا تحت لوائه، ويحاربوا العدو متحدين يدا ورأيا، لاستعادة عزتهم الضائعة.
اشموئيل الذي كان يعرف ضعفهم وتهاونهم وهبوط معنوياتهم قال لهم:
أخشى إن اخترت لكم قائدا أن تخذلوه عندما يدعوكم إلى الجهاد ومحاربة العدو.
فقالوا: كيف يمكن أن نعصي أوامر أميرنا ونرفض القيام بواجبنا، مع أن العدو قد شردنا من أوطاننا واستولى على أرضنا وأسر أبناءنا!!
فرأى اشموئيل أن هؤلاء القوم قد شخصوا داءهم وها هم قد اتجهوا للمعالجة، ولعلهم أدركوا سبب تخلفهم، فتوجه إلى الله يعرض عليه ما يطلبه القوم فأوحى إليه: أن اخترنا " طالوت " ملكا عليهم.
فقال اشموئيل: رب إني لا أعرف طالوت ولم أره حتى الآن. فجاءه الوحي:
سنرسله إليك فاعطه قيادة الجيش ولواء الجهاد.
3 من هو طالوت؟
كان طالوت رجلا طويل القامة، ضخما، حسن التركيب، متين الأعصاب قويها، ذكيا، عالما، مدبرا.