تفسير كنز الدقائق - الميرزا محمد المشهدي - ج ٢ - الصفحة ٦٥٤
وطلحة، وكانوا سبعة عشر رجلا، قال: لما وجه النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) علي بن أبي طالب وعمار بن ياسر (رحمه الله) إلى أهل مكة، قالوا: بعث هذا الصبي ولو بعث غيره يا حذيفة إلى أهل مكة، وفي مكة صناديدها - وكانوا في مكة يسمون عليا، الصبي لأنه كان اسمه في كتاب الله الصبي لقول الله (عز وجل):
" ومن أحسن قولا ممن دعا إلى الله وعمل صالحا " وهو صبي، " وقال إنني من المسلمين " - (1) والله الكفر بنا أولى مما نحن فيه، فساروا فقالوا لهما وحرفوهما بأهل مكة، فعرضوا لهما وخوفوهما وغلظوا عليهما الامر، فقال علي (صلوات الله عليه):
" حسبنا الله ونعم الوكيل " (2) ومضى، فلما دخلا مكة، أخبر الله نبيه بقولهم لعلي، ويقول على لهم، فأنزل الله بأسمائهم في كتابه، وذلك قول الله: " ألم تر إلى الذين قال لهم الناس إن الناس قد جمعوا لكم فاخشوهم فزادهم إيمانا وقالوا حسبنا الله ونعم الوكيل " إلى قوله " والله ذو فضل عظيم " (3) وإنما نزلت: ألم تر إلى فلان وفلان لقوا عليا وعمارا فقالا: إن أبا سفيان وعبد الله بن عامر وأهل مكة قد جمعوا لكم فاخشوهم، فقالوا: حسبنا الله ونعم الوكيل، وهما اللذان قال الله: " إن الذين آمنوا ثم كفروا "، إلى آخر الآية، فهذا أول كفرهم، والكفر الثاني قول النبي (صلى الله عليه وآله وسلم): يطلع عليكم من هذا الشعب رجل، فيطلع عليكم بوجهه، فمثله عند الله كمثل عيسى، لم يبق منهم أحد إلا تمنى أن يكون بعض أهله، فإذا بعلي قد خرج وطلع بوجهه، قال: هو هذا، فخرجوا غضابا، وقالوا: ما بقي إلا أن يجعله نبيا، والله الرجوع إلى آلهتنا خير مما نسمع منه في ابن عمه، وليصدنا علي إن رام هذا، فأنزل الله " ولما ضرب ابن مريم مثلا إذا قومك منه يصدون " (4) إلى آخر الآية، فهذا الكفر الثاني، وزادوا الكفر حين قال الله: " إن الذين آمنوا وعملوا الصالحات أولئك هم خير البرية " (5) وقال النبي (صلى الله عليه وآله وسلم):
يا علي أصبحت وأمسيت خير البرية، فقال له ناس: هو خير من نوح وإبراهيم ومن

(٦٥٤)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 649 650 651 652 653 654 655 656 657 658 659 ... » »»
الفهرست