خلت من شهر ربيع الأول سنة إحدى عشرة من الهجرة وكان رجلا تاجرا يغدو كل يوم إلى السوق فيبيع ويبتاع فلما بويع للخلافة قال والله ما يصلح للناس الا التفرغ لهم والنظر في شأنهم ولا بد لعيالي مما يصلحهم فترك التجارة واستنفق من مال المسلمين ما يصلحه ويصلح عياله يوما بيوم وكان الذي فرضوا له في كل سنة ستة آلاف درهم فلما حضرته الوفاة قال لهم ردوا ما عندنا إلى مال المسلمين وان أرضي التي هي بمكان كذا وكذا للمسلمين بما أصبت من أموالهم فدفع ذلك إلى عمر فقال عمر لقد والله أتعب من بعده مختصر وفي مصنف عبد الرزاق أخبرنا معمر عن الزهري عن عبد الرحمن بن كعب بن مالك عن أبيه قال كان معاذ بن جبل رجلا سمحا شابا جميلا من أفضل شباب قومه وكان لا يمسك شيئا فلم يزل يدان حتى أغلق ماله فأتى النبي صلى الله عليه وسلم يطلب إليه أن يحط عنه غرماؤه من الدين فأبوا فلو ترك لاحد من أجل أحد لتركوا لمعاذ من أجل النبي صلى الله عليه وسلم فباع النبي صلى الله عليه وسلم كل ماله في دينه حتى قام معاذ بغير شئ فلما كان في عام فتح مكة بعثه النبي صلى الله عليه وسلم على طائفة من اليمن أميرا ليجيزه فمكث معاذ باليمن أميرا وكان أول من أتجر في مال الله فمكث حتى أصاب وقبض النبي صلى الله عليه وسلم وقدم في خلافة أبي بكر فقال عمر لأبي بكر دع له ما يعيش به وخذ سائره منه فقال له أبو بكر إنما بعثه النبي صلى الله عليه وسلم ليجيزه ولست بآخذ منه شيئا الا أن يعطيني فانطلق عمر إلى معاذ فذكر له ذلك فقال له معاذ مثل ما قال أبو بكر فتركه ثم أتى معاذ إلى أبي بكر فقال قد أطعت عمر وأنا فاعل ما أمرني به إني رأيت في المنام أني في حومة ماء وقد خشيت الغرق فخلصني منه عمر ثم أتى بماله وحلف أنه لم يكتم شيئا فقال له أبو بكر والله لا آخذه منك قد وهبته لك فقال عمر هذا حين طاب وحل قال فخرج معاذ عند ذلك إلى الشام قال معمر فأخبرني رجل من قريش قال سمعت الزهري يقول لما باع النبي صلى الله عليه وسلم مال معاذ أوقفه للناس فقال من باع هذا شيئا فهو باطل انتهى أخرجه في البيوع وبعث علي إلى اليمن تقدم في أدب القاضي وليس فيه أيضا أنه فرض له
(١٩٨)