ثم لو سلمنا تطوعا " وتبرعا " أن الداعي هو غير النبي صلى الله عليه وآله لم يجب أن يكون هو من عنده، بل جاز أن يكون غيره.
ونحن نبين كلا الوجهين وإن كنا قد ذكرنا في الكتاب (الشافي) ما هو الغاية القصوى:
أما ظاهر قوله تعالى (ستدعون إلى قوم أولي بأس شديد) فغير دال على تعيين الداعي، بل هو فيهم مشترك، فعلى من ادعى أنه داع بعينه الدلالة.
ولا خلاف بين أهل النقل والرواية في قوله تعالى ﴿سيقول لك المخلفون من الأعراب شغلتنا أموالنا وأهلونا فاستغفر لنا يقولون بألسنتهم ما ليس في قلوبهم قل فمن يملك لكم من الله شيئا " إن أراد بكم ضرا " أو أراد بكم نفعا " بل كان الله بما تعملون خبيرا " * بل ظننتم أن لن ينقلب الرسول والمؤمنون إلى أهليهم أبدا " وزين ذلك في قلوبكم وظننتم ظن السوء وكنتم قوما " بورا "﴾ (١) إنما أراد به الذين تخلفوا عن الحديبية.
ثم قال تعالى ﴿سيقول المخلفون إذا انطلقتم إلى مغانم لتأخذوه ذرونا نتبعكم يريدون أن يبدلوا كلام الله قل لن تتبعونا كذلكم قال الله من قبل فسيقولون بل تحسدوننا بل كانوا لا يفقهون إلا قليلا﴾ (2).
وإنما طلب هؤلاء المخلفون أن يخرجوا إلى غنيمة خيبر، فمنعهم الله من ذلك وأمر نبيه صلى الله عليه وآله بأن يقول لهم: (قل لن تتبعونا) يريد إلى هذه الغزاة، لأنه تعالى حكم من قبل بأن غنيمة خيبر لمن شهد الحديبية، وأنه لاحظ فيها لمن لم يشهدها.
وهذا هو تأويل قوله تعالى (يريدون أن يبدلوا كلام الله) ثم قال جل اسمه