غير أنه يمكن نصرة هذا الجواب، لأنه تعالى لو أمره بسؤال أهل الكتاب من غير أن يبقى شكه ولا وهم (١) أمره بالسؤال أنه يشك في صدقه وصحة ما أنزل عليه، فقدم كلاما " يقتضي نفي الشك عنه فيما أنزل عليه ليعلم أن أمره بالسؤال يزول الشك من غيره لا عنه.
فأما الذين أمره بمسائلتهم، فقد قيل: إنهم المؤمنون من أهل الكتاب الراجعون إلى الحق، ككعب الأحبار ومن جرى مجراه ممن أسلم بعد اليهودية لأن هؤلاء يصدقون عما شاهدوه في كتبهم من صفات النبي صلى الله عليه وآله والبشارة به، وإن كان غيرهم على الكفر والباطل لا يصدق على ذلك.
وقال قوم آخرون: إن المراد ب (الذين يقرؤن الكتاب) جماعة اليهود ممن آمن وممن لا يؤمن، فإنهم يصدقون مما وجدوه في كتابهم من البشارة بنبي موصوف يدعون أنه غيرك، فإنك إذا قابلت بتلك الصفات صفاتك علمت أنت وكل من أنصف أن المبشر بنبوته أنت.
وقال آخرون: وما أمره بأن يسألهم عن البشارة، لأنهم يصدقون عن ذلك بل أمره عليه السلام بأن يسألهم عما تقدم ذكره بغير فصل من قوله تعالى ﴿ولقد بوأنا بني إسرائيل مبوأ صدق ورزقناهم من الطيبات فما اختلفوا حتى جاءهم العلم إن ربك يقضي بينهم يوم القيامة فيما كانوا فيه يختلفون﴾ (٢).
ثم قال الله تعالى: ﴿فإن كنت في شك مما أنزلنا إليك فاسأل الذين يقرءون الكتاب من قبلك﴾ (3) أي في شك مما تضمنه هذه الآية من النعمة على بني إسرائيل وما كانت اليهود تجحد ذلك بل تقربه وتفخر بمكانه، وهذا الوجه يروى