(قل للمخلفين من الأعراب ستدعون إلى قوم أولي بأس شديد تقاتلوهم أو يسلمون) وإنما أراد تبارك اسمه أن الرسول سيدعون فيما بعد إلى قتال قوم أولي بأس شديد، كمؤتة وحنين وتبوك، فمن أين وللمخالفين أن الداعي لهؤلاء الأعراب هو غير النبي صلى الله عليه وآله مع ما بيناه من الحروب التي كانت بعد خيبر.
وليس لأحد أن يدعي أن المعني بقوله (ستدعون إلى قوم أولي بأس شديد) هو أبو بكر لما دعا المسلمين إلى قتال بني حنيفة، أو قتال فارس والروم، ويحتج بإطباق المفسرين على ذلك، لأن المفسرين ما أطبقوا على ما ادعوه، لأن ابن المسيب روى عن أبي روق عن الضحاك في قوله (ستدعون إلى قوم أولي بأس شديد) قال: هم ثقيف.
وروي عن سعيد بن جبير قال: هم هوازن.
وروى الواقدي عن قتادة قال: هم هوازن وثقيف.
فلا إطباق لأهل التأويل على ما ادعى، ولو أطبقوا لم يكن في إطباقهم حجة. وكم استخرج أهل العدل في متشابه القرآن من الوجوه الصحيحة ما خالف ما ذكره المفسرون.
وأما الوجه الآخر الذي يسلم فيه أن الداعي لهؤلاء الأعراب هو غير النبي صلى الله عليه وآله فواضح أيضا "، لأنه لا يمتنع أن يعني بهذا الداعي أمير المؤمنين عليه السلام لأنه قد قاتل بعده أهل الجمل وأهل صفين وأهل النهروان، وبشره النبي صلى الله عليه وآله بأنه يقاتلهم بقوله (علي تقاتل بعدي الناكثين والقاسطين والمارقين) وقد كانوا أولي بأس شديد بغير شبهة.
فإن قيل: الآية تدل على أن القوم الذين قوتلوا ما كانوا مسلمين، لقوله تعالى (تقاتلونهم أو يسلمون) ومحاربوا أمير المؤمنين عليه السلام في المواطن