(نسوا الله فنسيهم) التوبة: 67 وقوله تعالى (إنا نسيناكم) السجدة: 14 فبهذه الآيات لا نثبت لله تعالى صفة النسيان وإن ورد لفظ النسيان في القرآن الكريم، ولا يجوز لنا أن نقول: إن لله نسيانا ولكنه ليس كنسياننا، وذلك لأن الله عز وجل قال: (وما كان ربك نسيا) مريم: 64.
ولا يحل لرجل عاقل بعد هذا أن يقول: " ينسى لا كنسياننا، ويجلس لا كجلوسنا، وهو في السماء ليس كمثله شئ، كما نقول: هو سميع ليس كسمعنا، وهو بصير ليس كبصرنا.... ".
والجواب على هذا أننا نقول له: قولك لا كنسياننا، ولا كجلوسنا، وليس كمثله شئ بعد قولك هو في السماء، لن يفيدك البتة، ولن ينفي عنك التشبيه والتجسيم، لأنه ليس كل ما ورد يصح أن يوصف الله عز وجل به، وإيراد جملة: (سميع لا كسمعنا وبصير لا كبصرنا) لن يجدي المموه شيئا، وذلك لأن المراد بأنه يسمع لا كسمعنا: أن نثبت لله تعالى صفة السمع ثم ننزهه عن آلة السمع وهي الأذن، فيتصور وجود صفة السمع بلا آله ثم يفوض علم ذلك لله تعالى بعد الإيمان بصفة السمع لأن صفة الخالق لا يمكن للمخلوق أن يدركها، لكن الجلوس والحركة لا يتصور فيهما شئ يمكن نفيه ثم تفويض الحقيقة الباقية إلى الله تعالى، فالحركة مثلا التي يصف الشيخ الحراني بها المولى سبحانه وتعالى عما يقول لا يفهم منها ولا تعقل إلا بأنها انتقال من مكان إلى مكان، فإذا نفيت بعد إثباتها الانتقال لم تعد حركة فيبطل الكلام ويقع التناقض لأنه لم يبق شئ يمكن إثباته خلافا للسمع والبصر فتأمل جيدا.
ويتضح هذا أكثر في المثال الثاني: