دفع شبه التشبيه بأكف التنزيه - أبو الفرج عبد الرحمن بن الجوزي الحنبلي - الصفحة ٢١٠
قلت: وقد ثب بالدليل القاطع أن يد الحق سبحانه وتعالى ليست بجارحة وإن قبضه للأشياء ليس مباشرة، ولا له كف (150).
وإنما قرب رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى الأفهام ما يدركه الحس فقبض رسول الله صلى الله عليه وسلم أصابعه وبسطها.. فوقوع الشبه بين القبضتين من حيث ملكه المقبوض كما وقع الشبه في رؤية الحق سبحانه برؤية القمر في إيضاح الرؤية لا في تشبيه المرئي (151). فأما لفظ " الشمال " فهي في رواية مسلم وهي مما انفرد به عن عمر بن حمزة عن سالم عن ابن عمر، وقد روى الحديث نافع وغيره عن ابن عمر فلم يذكروا لفظة الشمال، ورواه أبو هريرة وغيره عن النبي صلى الله عليه وسلم فلم يذكر أحد منهم فيه الشمال، وقد روي ذكر الشمال في حديث آخر في غير هذه القصة إلا أنه ضعيف بالمرة، ورواه بعض المتروكين.
وقد صح عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال: " وكلتا يديه يمين مباركة " (152).

(150) قلت: نقل الإمام عبد القاهر البغدادي (ت 429 ه‍) في كتابه " الفرق بين الفرق " إجماع أهل السنة على ذلك فقال ص 332:
" وأجمعوا على إحالة وصفه بالصورة والأعضاء " ا ه‍.
(151) أي عندما قال صلى الله عليه وسلم في الحديث الصحيح: " إنكم سترون ربكم كما ترون هذا القمر لا تضامون في رؤيته " كان معنى كلامه: أي أنكم سترون ربكم وسوف لا تشكون هل الذي رأيتموه هو ربكم أم لا كما أنكم إذا رأيتم القمر فإنكم لا تشكون أن الذي تروه هو القمر ليلة البدر، وليس معنى ذلك أن الله يشبه البدر حاشا وكلا.
(152) تقدم تخريجه وهو في مسلم برقم (1827). وزيادة لفظة " مباركة " في الترمذي (5 / 453 برقم 3368 شاكر).
(٢١٠)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 204 205 206 207 209 210 211 214 215 216 218 ... » »»
الفهرست