(فلا يقربن المساجد) فيه دليل على أن النهي عام لكل مسجد وليس خاصا بمسجد النبي صلى الله عليه وسلم، والحديث سكت عنه المنذري.
(وقد سبقت) على البناء للمجهول (من أكل من هذه الشجرة فلا يقربنا) ليس في هذا تقييد النهي بالمسجد، فيستدل بعمومه على إلحاق المجامع بالمساجد كمصلى العيد والجنازة ومكان الوليمة، وقد ألحقها بعضهم بالقياس والتمسك بهذا العموم أولى، لكن قد علل المنع في الحديث بترك أذى الملائكة وترك أذى المسلمين فإن كان كل منهما جزء علة اختص النهي بالمساجد وما في معناها، وهذا هو الأظهر وإلا لعم النهي كل مجمع كالأسواق، ويؤيد هذا البحث قوله في حديث أبي سعيد عند مسلم: ((من أكل من هذه الشجرة شيئا فلا يقربنا في المسجد)).
قال القاضي ابن العربي: ذكر الصفة في الحكم يدل على التعليل بها، ومن ثم رد على المازري حيث قال لو أن جماعة مسجد أكلوا كلهم ما له رائحة كريهة لم يمنعوا منه بخلاف ما إذا أكل بعضهم لأن المنع لم يختص بهم بل بهم وبالملائكة، وعلى هذا يتناول المنع من تناول شيئا من ذلك، ودخل المسجد مطلقا ولو كان وحده، كذا أفاد الحافظ في الفتح (في كم قميصي) الكم بالضم وتشديد الميم مدخل اليد ومخرجها من الثوب (فإذا أنا معصوب الصدر) كان من عادتهم إذا جاع أحدهم أن يشد جوفه بعصابة، وربما جعل تحتها حجرا. كذا في النهاية.
قال المنذري: في إسناده أبو هلال محمد بن سليم المعروف بالراسبي، وقد تكلم فيه غير واحد.