الضحايا أغلاها وأسمنها، وأمر رسول الله صلى الله عليه وسلم فأخذ رجل برجل ورجل برجل ورجل بيد ورجل بيد ورجل بقرن ورجل بقرن وذبحها السابع وكبرنا عليها جميعا " قال شمس الدين ابن القيم في آخر أعلام الموقعين بعد إيراد الحديث المذكور: نزل هؤلاء النفر منزلة أهل البيت الواحد في إجزاء الشاة عنهم لأنهم كانوا رفقة واحدة انتهى.
وقال الحافظ في الفتح في باب الأضحية للمسافر والنساء: واستدل به الجمهور على أن ضحية الرجل تجزئ عنه وعن أهل بيته، وخالف في ذلك الحنفية وادعى الطحاوي أنه مخصوص أو منسوخ ولم يأت لذلك بدليل. قال القرطبي: لم ينقل أن النبي صلى الله عليه وسلم أمر كل واحدة من نسائه بأضحية مع تكرار سني الضحايا ومع تعددهن، والعادة تقضي بنقل ذلك لو وقع كما نقل غير ذلك من الجزئيات. ويؤيده ما أخرجه مالك وابن ماجة والترمذي وصححه من طريق عطاء بن يسار " سألت أبا أيوب " فذكر الحديث انتهى.
وقال الشوكاني في السيل الجرار: والحق أنها تجزئ عن أهل البيت وإن كانوا مائة نفس انتهى، وهكذا في النيل والدراري المضية كلاهما للشوكاني وكذا في سبل السلام وغير ذلك من كتب المحدثين.
والحاصل أن الشاة الواحدة تجزئ في الأضحية دون الهدي عن الرجل وعن أهله وإن كثروا كما تدل عليه رواية عائشة أم المؤمنين عند مسلم وأبي داود، ورواية جابر عند الدارمي وأصحاب السنن، ورواية أبي أيوب الأنصاري عند مالك والترمذي وابن ماجة، ورواية عبد الله بن هشام وكان قد أدرك النبي صلى الله عليه وسلم عند الحاكم في المستدرك، ورواية أبي طلحة وأنس عند ابن أبي شيبة، ورواية أبي رافع، وجد أبي الأشد عند أحمد، ورواية غير ذلك من الصحابة. وما زعمه الطحاوي أن هذا الحديث منسوخ أو مخصوص به صلى الله عليه وسلم فغلطه العلماء في ذلك كما ذكره النووي. فإن النسخ والتخصيص لا يثبتان بمجرد الدعوى بل روى عن علي وأبي هريرة وابن عمر رضي الله عنهم أنهم كانوا يفعلون ذلك كما ذكره الخطابي وغيره، وأجازه الأوزاعي والليث والشافعي وأحمد وإسحاق بن راهويه وغيرهم من الأئمة. ومتمسك من قال إن الشاة الواحدة في الأضحية لا تجزئ عن جماعة القياس على الهدى وهو فاسد الاعتبار لأنه قياس في مقابل النص، والضحية غير الهدي ولهما حكمان مختلفان فلا يقاس أحدهما على الآخر، لأن النص ورد على التفرقة فوجب تقديمه على القياس فالصواب جوازه، والحق مع هؤلاء الأئمة المذكورين رضي الله تعالى عنهم. انتهى مختصرا من غاية المقصود.
قال المنذري: وأخرجه الترمذي وقال هذا حديث غريب من هذا الوجه.