بهما الزكاة بوجه. وفيه دلالة على أن العظم كذلك لأنه لما علل بالسن قال لأنه عظم فكل عظم من العظام يجب أن تكون الزكاة به محرمة غير جائزة (وأما الظفر فمدى الحبشة) أي وهم كفار وقد نهيتم عن التشبه بهم. قاله ابن الصلاح وتبعه النووي. وقيل نهي عنهما لأن الذبح بهما تعذيب للحيوان ولا يقع به غالبا إلا الخنق الذي ليس هو على صورة الذبح. وقد قالوا إن الحبشة تدمي مذابح الشاة بالظفر حتى تزهق نفسها خنقا. ذكره الحافظ (فأمر بها) أي بالقدور (فأكفئت) بضم الهمزة وسكون الكاف أي قلبت وأفرغ ما فيها.
قال النووي: وإنما أمر بإراقتها لأنهم كانوا قد انتهوا إلى دار الاسلام والمحل الذي لا يجوز فيه الأكل من مال الغنيمة المشتركة، فإن الأكل من الغنائم قبل القسمة إنما يباح في دار الحرب (وند) أي شرد وفر (ولم يكن معهم خيل) وفي رواية البخاري: " وكان في القوم خيل يسيرة " قال الحافظ: أي لو كان فيهم خيول كثيرة لأمكنهم أن يحيطوا به فيأخذوه. قال ووقع في رواية أبي الأحوص " ولم يكن معهم خيل " أي كثيرة أو شديدة الجري فيكون النفي لصفة في الخيل لا لأصل الخيل جمعا بين الروايتين (فحبسه الله) أي أصابه السهم فوقف (إن لهذه البهائم) قال التوربشتي: اللام فيه بمعنى من (أوابد) جمع آبدة وهي التي توحشت ونفرت.
قال الحافظ: والمراد أن لها توحشا (كأوابد الوحش) أي حيوان البر (وما فعل منها) أي من هذه البهائم (هذا) أي التنفر والتوحش (فافعلوا به مثل هذا) أي فارموه بسهم ونحوه. والحديث دليل على أنه يجوز الذبح بكل محدد ينهر الدم فيدخل فيه السكين والحجر والخشبة والزجاج والقصب وسائر الأشياء المحددة، وعلى أن الحيوان الانسي إذا توحش ونفر فلم يقدر على قطع مذبحه يصير جميع بدنه في حكم المذبح كالصيد الذي لا يقدر عليه. قال المنذري: وأخرجه البخاري ومسلم والترمذي والنسائي وابن ماجة.