لم يجز ذلك على الحكاية عن غيره علم أنه ليس من باب الإخبار والدليل على ذلك أنه يقول أشهد أني رأيت هلال رمضان خصوصا، وذلك لأن الواحد العدل فيه كاف عند جماعة من العلماء، واحتج بخبر ابن عمر رضي الله عنهما قال: أخبرت رسول الله صلى الله عليه وسلم أني رأيت الهلال فأمر الناس بالصيام.
قلت: ومن ذهب إلى هذا الوجه أجاز فيه المرأة والعبد انتهى. قال المنذري: قال الدارقطني: هذا إسناد متصل صحيح.
(لأهلا الهلال) أي لرأيا الهلال (أمس) اسم علم على اليوم الذي قبل يومك ويستعمل فيما قبله مجازا (عشية) العشي ما بين الزوال إلى الغروب، والمعنى بالفارسية دي وقت شام (فأمر رسول الله صلى الله عليه وسلم الناس) فيه رد على من زعم أن أمره صلى الله عليه وسلم بالإفطار خاص بالركب.
قال الخطابي: فيه أن شهادة الواحد العدل في رؤية هلال رمضان مقبولة، وإليه ذهب الشافعي في أحد قوليه وهو قول أحمد بن حنبل، وكان أبو حنيفة وأبو يوسف يجيزان على هلال رمضان شهادة الرجل الواحد العدل، وإن كان عبدا وكذلك المرأة الواحدة وإن كانت أمة، ولا يجيزان في هلال الفطر أو رجلا وامرأتين، وكان الشافعي لا يجيز في ذلك شهادة النساء، وكان مالك والأوزاعي وإسحاق بن راهويه يقولون لا يقبل على هلال شهر رمضان ولا على هلال الفطر أقل من شاهدين عدلين. وفي قول ابن عمر تراءى الناس الهلال فأخبرت رسول الله صلى الله عليه وسلم وقبوله في ذلك قوله وحده دليل على وجوب قبول أخبار الآحاد وأنه لا فرق بين أن يكون المخبر بذلك منفردا عن الناس وحده وبين أن يكون مع جماعة من الناس ولا يشاركه أصحابه في ذلك انتهى: قال المنذري: قال البيهقي وأصحاب النبي صلى الله عليه وسلم كلهم ثقات سموا أو لم يسموا.