فإن الله غني عن العالمين " (1) وإشارة إلى أن من حقهما أن تكونا في الاخلاص والكمال فيه كمثل هاتين المؤمنتين وأن لا تتكلا على أنهما زوجتا رسول الله صلى الله عليه وآله فإن ذلك الفضل لا ينفعهما إلا مع كونهما مخلصتين، والتعريض بحفصة أرجح لأن امرأة لوط أفشت عليه كما أفشت حفصة على رسول الله صلى الله عليه وآله.
وأسرار التنزيل ورموزه في كل باب بالغة من اللطف والخفاء جدا تدق عن تفطن العالم، وتزل عن تبصره، ونعم ما قال: ولعل فيه تسلية للنبي وغيره من المؤمنين، بأنه لا يستبعد حصول امرأة غير صالحة للنبي وغيره ودخلوها النار مع كون جسدها مباشرة لجسده ووجود الزوجية وهي صريحة في ذلك، والمقصود واضح فافهم وكذا رجاء من يتقرب بتزويجه وزوجيته صلوات الله عليه وآله ولهذا كانت أم حبيبة بنت أبي سفيان أخت معاوية أيضا عنده صلوات الله عليه وآله وهي إحدى زوجاته، وأبوه كان أكبر رؤس الكفار، وصاحب حروبه صلى الله عليه وآله وأخرى صفية بنت حبي بن أخطب بعد أن أعتقها وقد قتل أبوها على الكفر، وأخرى سودة بنت زمعة وكان أبوها مشركا ومات عليه، قيل: وقد زوج رسول الله صلى الله عليه وآله ابنتيه (2) قبل البعثة بكافرين يعبدان الأصنام أحدهما عتبة بن أبي لهب والآخر أبو العاص ومات عتبة على الكفر وأسلم أبو العاص، فرد إليه زوجته بالنكاح الأول مع أنه صلى الله عليه وآله ما كان في حال من الأحوال مواليا للكفار.
وبالجملة لا ينفع صلاح أحد أحدا من حيث هو، نعم يمكن الشفاعة بإذن الله تعالى ولطفه كما أن معصية أحد لا يضر أحدا كما مثل له بامرأة فرعون " وضرب الله مثلا للذين آمنوا امرأة فرعون إذ قالت رب ابن لي عندك بيتا في الجنة "