المطلقات عن الكل أو عن شئ من المهر، فليس هنا حينئذ في هذه الحال النصف واجب، بل إما لا واجب أصلا أو الواجب أقل من النصف " ويعفو " عطف على محل " يعفون " فإنه مبني على النصب بأن " والذي بيده عقدة النكاح " قيل هو ولي المطلقة المذكورة ففي الأول العفو منهن بشرط البلوغ والرشد وفي الثاني من أوليائهن على تقدير عدمهما وللولي أيضا العفو وهو مذهب الشافعي والأصحاب، ولكن يكون منوطا بالمصلحة، وبشرط عدم العفو عن الجميع، فإنهم ما يجوزون للولي العفو عن الكل، ويبعد ذلك عن الآية، وأيضا يبعد وجود المصلحة للعفو بعد حصول الطلاق إلا أن يكون دفع ضرر، وحينئذ ليس بعفو ولعل دليلهم أخبار أو إجماع، قال في مجمع البيان: وهو المروي عن أبي جعفر وأبي عبد الله عليهما السلام ويحتمل أن يكون " الذي " عبارة عن الزوج، يعني المأخوذ هو النصف " إلا أن يعفون " فيقل أو يعدم أو يعفو الزوج عن الباقي فيصير أكثر من النصف، إما الكل أو لا، وهو مذهب أبي حنيفة وقال في مجمع البيان: رواه بعض أصحابنا وهو بعيد أيضا إذ مقابلة الذي بيده عقدة النكاح للمرأة لا يناسب فإن العفو حينئذ ليس بمناسب فكأنه سمي للمشاكلة إلا أن أداه إلى الزوجة، فيعفوا عن النصف ولم يأخذه، فيصح كونه عفوا حقيقية وأيضا إنه كان المعنى " الواجب نصف " ومع استثناء العفو منه لا يصير الواجب غيره، والأول أظهر بحسب اللفظ والثاني بحسب المعنى، ولا استبعاد في جواز العفو للولي بالنص، ولكن لا بد لعدم تجويز الكل من دليل، ولعل لهم دليلا عليه، وعلى الحمل على المعنى الأول أيضا، وهو الروايات كما أشير إليه أو الاجماع.
" وأن تعفوا أقرب للتقوى " كأنه خطاب للزوج والمرأة، وغلب المذكر أو يكون للزوج، والجمعية باعتبار الأفراد، وهو مؤيد لكونه العافي من جهة إسناد العفو إليه، وكون العفو من الولي أقرب غير معلوم، ولكن المناسب لحصر العافي فيها وفي الولي كون الخطاب لهما، وقد يقال مع المصلحة يكون أقرب من الولي أيضا، ويحتمل أن يكون المخاطب الناس والغرض أن العفو أقرب من أي