منى تمام الأيام، ولأن الظاهر أن النفر الأول رخصة، وقال المفسرون إنه مخير بينه وبين الأفضل كما يقال: إن أعلنت الصدقة فحسن، وإن أسررت فحسن وإن كان الاسرار أحسن وأفضل، والظاهر من الآية هو جواز النفر في الأول أي وقت أراد، وقد عرفت التخصيص والبيان في الأخبار الصحيحة بل في إجماع الأصحاب أيضا على الظاهر والظاهر أن مذهب الشافعي أيضا جواز النفر بعد الزوال إذ لا يجوز الرمي إلا بعد الزوال، ومعلوم عدم جواز النفر في الأول أيضا إلا بعد الرمي ونقل القاضي جواز النفر في الأول قبل طلوع الفجر عن أبي حنيفة، ونقل عنه أيضا جواز الرمي قبل الزوال وبعده مثل مذهب الأصحاب، وظاهر الآية أن الخروج قبل إكمال اليومين بعد الشروع فيهما لا قبله، فقول أبي حنيفة بعيد ويلزمه أيضا ترك الرمي في اليوم الثاني إلا أن يجوز حينئذ الرمي في الليل، وبالجملة الآية مجملة قابلة للكل بشرط ما يصلح أن يكون دليلا كالروايات الصحيحة عن الذين قولهم حجة.
" لمن اتقى " أي الذين ذكر من التخيير أو الأحكام لمن اتقى معاصي الله لأنه الحاج على الحقيقة المنتفع به، يعني أن الحج يقع مبرورا مكفرا للسيئات إذا اتقى ما نهي عنه، هذا أحد المعنيين في التفاسير الثلاث وفيها حينئذ إشعار بعدم قبول العبادات مع العصيان مثل قوله تعالى " إنما يتقبل الله من المتقين (1) " فتأمل. والآخر إن التخيير لمن اتقى الصيد والنساء بمعنى أن الذي لا إثم عليه في التعجيل هو الذي اتقى الصيد والنساء يعني وطيهن لا سائر ما يحرم منهن في الاحرام للأصل، و الظاهر من دليله الذي سيأتي من قوله عليه السلام " أتى النساء "، فإنه ظاهر في المواقعة والظاهر أن المراد الاتقاء منهما مطلقا عمدا وسهوا وجهلا لظاهر عدم الاتقاء حينئذ، والظاهر أن وقت الاتقاء هو وقت تحريمهما عليه من زمان إحرام الحج من غير إشكال، وزمان إحرام عمرة التمتع أيضا على الخلاف بناء على أن عمرة التمتع هي عمرة الحج لدخولها فيه فتأمل فيه، فإن الأصل عدم التقييد والشرط في الآية، فكلما نقص فهو أولى، ونسب هذا في مجمع البيان إلى أصحابنا وابن