الامساك، من جهة أن الأموال إذا كانت تعرض للزوال إما بالموت أو بغيره من الآفات، فأجدر بالعاقل أن لا يبخل بانفاقه، ولا يحرص على إمساكه، فيكون عليه وزره، ولغيره نفعه، ومعنى " ولله ميراث السماوات " الآية أنه يموت من في السماوات و الأرض، ويبقى هو جل جلاله لم يزل ولا يزال، فيبطل ملك كل مالك إلا ملكه.
وقوله: " والله بما تعملون خبير " تأكيد للوعد والوعيد في الأنفاق والبخل وغيرهما ولا يبعد جعلها دليلا على وجوب بذل نحو العلم إلى كل من يستحقه ويطلبه و يحتاج إليه، مع عدم المانع من تقية ونحوها، لعمومها وعدم منافاة ما روي في تفسيرها، وكذا ورودها في زكاة المال لو سلم، لعدم كون خصوص السبب مخصصا لأن المدار على ظاهر اللفظ ومقتضاه على حسب القوانين، كما ثبت في الأصول ولا ينافيه سيطوقون خصوصا بالمعنى الأخير، ويؤيده ما ورد في الأخبار من عدم المنع [والكتمان وعدم القبول] عن تعليم العلوم مثل ما روي عن النبي صلى الله عليه آله من كتم علما عن أهله الجم بلجام من نار، وما روي عن أمير المؤمنين عليه السلام ما أخذ الله على أهل الجهل أن يتعلموا حتى أخذ على أهل العلم أن يعلموا (1) ولا يخفى ما فيها من التأكيد.
" ولا تحسبن الذين يفرحون بما أتوا ويحبون أن يحمدوا بما لم يفعلوا فلا تحسبنهم بمفازة من العذاب ولهم عذاب أليم " (2) الخطاب والغيبة كما تقدم في نظيره و " فلا تحسبنهم " تأكيد للأولى، قال في مجمع البيان: ويجوز أن يجعل بدلا والفاء زائدة (3) ومفعولا الأولى محذوفان لدلالة مفعولي الثانية عليهما، أي هم، و بمفازة: أي لا تظنن الذين يفرحون بما فعلوا ويريدون أن يحمدوا على ذلك، و كذا بما لم يفعلوا وهو أشد، أنهم بمنجاة من النار ومن تعذيبها، بل هم قريبون بل واقعون فيها، ولهم عذاب مؤلم.
قال أيضا في مجمع البيان: ثم بين سبحانه خصلة أخرى ذميمة من خصال اليهود