الدليل والأول أظهر والثاني أعم، فعلى الأول يدل على عدم جواز التولية في العبادات مثل الوضوء والغسل، بل على عدم جواز التوكيل في سائر العبادات وعلى عدم [جواز] الاستعانة في الصلاة بالاعتماد على الغير، مثل الآدمي والحائط قياما أو قعودا أو ركوعا أو سجودا وغير ذلك مما لا يحصى، وعلى الثاني يدل عليها وعلى عدم الاستعانة بغيره تعالى في شئ من الأمور حتى السؤال وأيضا يدل عليه أنه مذموم في الأخبار حتى نقل عنه صلى الله عليه وآله أنه قال لقوم قالوا له: اضمن لنا الجنة، قال: بشرط أن لا تسألوا أحدا شيئا فصاروا بحيث لو وقع من يد أحدهم السوط وهو راكب ينزل ويأخذ، ولم يسأل أحدا أن يعطيه، وإذا عطشوا قاموا من محلهم وشربوا الماء و لم يطلبوه ممن قرب إليه [المشربة].
والحاصل أن ذم السؤال من غير الله معلوم عقلا ونقلا من غير هذه الآية أيضا فعلى هذا يمكن أن تحمل الآية على مرجوحية الاستعانة بغيره مطلقا إلا ما أخرجه الدليل والتفصيل بالكراهية والتحريم يفهم من غيرها أو تحمل على الكراهية إلا ما يعلم تحريمه أو على التحريم حتى تعلم الكراهية والجواز والله يعلم.
" اهدنا الصراط المستقيم " الآية. الآية تدل على رجحان طلب الخير من الله تعالى سيما أصل الخير وأساسه، وهو الصراط المستقيم: أي دين الاسلام قاله المفسرون وقيل إنه النبي والأئمة عليهم السلام القائمون مقامه، وهو المروي عن أئمتنا قال الشيخ أبو علي الطبرسي رحمه الله ثم قال الأولى حمل الآية على العموم حتى يدخل جميع ذلك فيه لأن الصراط المستقيم وهو الدين الذي أمر الله تعالى به من التوحيد والعدل وولاية من أوجب الله تعالى طاعته، ولا يخفى المسامحة في التفسير الثاني، أو عبادة الله فقط دون غيره كما يدل عليه بعض الآيات مثل قوله تعالى " وأن اعبدوني هذا صراط مستقيم (1) " فيدل على مشروعية الدعاء، بل على استحبابه مطلقا حتى لثبات الأمر الذي عليه مثل الدين وعدم تغيره وحصول دين المغضوب عليهم والذين هم الضالون فيكون تحريضا وترغيبا إلى الانقطاع إلى الله تعالى وطلب التوفيق