ولو كنتم زهدتم فيها أمس كما تقولون ما قاتلتم عليها اليوم، والله لو ملكتموها يا بني هاشم لما كانت ريح عاد ولا صاعقة ثمود بأهلك للناس منكم!
فقال ابن عباس رحمه الله: أما قولك يا معاوية: إنا نحتج بالنبوة في استحقاق الخلافة فهو والله كذلك، فإن لم يستحق الخلافة بالنبوة فبم يستحق؟.
وأما قولك: إن الخلافة والنبوة لا يجتمعان لأحد، فأين قول الله عز وجل:
" أم يحسدون الناس على ما آتاهم الله من فضله فقد آتينا آل إبراهيم الكتاب والحكمة وآتيناهم ملكا عظيما " فالكتاب هو النبوة، والحكمة هي السنة، والملك هو الخلافة، فنحن آل إبراهيم والحكم بذلك جار فينا إلى يوم القيامة.
وأما دعواك على حجتنا أنها مشتبهة: فليس كذلك، وحجتنا أضوأ من الشمس وأنور من القمر، كتاب الله معنا، وسنة نبيه صلى الله عليه وآله فينا، وإنك لتعلم ذلك، ولكن ثنى عطفك وصعرك قتلنا أخاك وجدك وخالك وعمك، فلا تبك على أعظم حائلة وأرواح في النار هالكة، ولا تغضبوا لدماء أراقها الشرك وأحلها الكفر ووضعها الدين.
وأما ترك تقديم الناس لنا فيما خلا وعدولهم عن الإجماع علينا: فما حرموا منا أعظم مما حرمنا منهم. وكل أمر إذا حصل حاصله ثبت حقه وزال باطله.
وأما افتخارك بالملك الزائل الذي توصلت إليه بالمحال الباطل: فقد ملك فرعون من قبلك فأهلكه الله. وما تملكون يوما يا بني أمية إلا ونملك بعد كم يومين، ولا شهرا إلا ملكنا شهرين، ولا حولا إلا ملكنا حولين.
وأما قولك إنا لو ملكنا كان أهلك للناس من ريح عاد وصاعقة ثمود:
فقول الله يكذبك في ذلك، قال الله عز وجل " وما أرسلناك إلا رحمة للعالمين " فنحن أهل بيته الأدنون. وظاهر العذاب بتملكك رقاب المسلمين ظاهر للعيان، وسيكون من بعدك تملك ولدك وولد أبيك أهلك للخلق من الريح