قالوا: بلى. فقلنا للثالثة: أليس علي - عليه السلام - قد كان من القوام على الناس بالأمر بالمعروف والنهي عن المنكر؟ فقالوا: بلى. فصار أمير المؤمنين - عليه السلام - معينا بالآية باتفاق الأمة واجتماعها، وتيقنا ذلك بإقرار المخالف لنا في الإمامة والموافق عليها، فوجب أن يكون إماما بهذه الآية، لوجود الاتفاق على أنه معني بها. ولم يوجب العدول إلى غيره والاعتراف بإمامته، لوجود الاختلاف في ذلك وعدم الاتفاق وما يقوم مقامه من البرهان.
وأما السنة: فإنا وجدنا النبي - صلى الله عليه وآله - استقضى عليا - عليه السلام - على اليمن، وأمره على الجيوش، وولاه الأموال وأمره بأداءها إلى بني جذيمة الذين قتلهم خالد بن الوليد ظلما، واختاره لأداء رسالات الله سبحانه والابلاغ عنه في سورة براءة، واستخلفه عند غيبته على من خلف. ولم نجد النبي - صلى الله عليه وآله - سن هذه السنن في أحد غيره، ولا اجتمعت هذه السنن في أحد بعد النبي - صلى الله عليه وآله - كما اجتمعت في علي - عليه السلام - وسنة رسول الله - صلى الله عليه وآله - بعد موته واجبة كوجوبها في حياته. وإنما تحتاج الأمة إلى الإمام بهذه الخصال التي ذكرناه، فإذا وجدنا في رجل قد سنها الرسول صلى الله عليه وآله فيه كان أولى بالإمامة ممن لم يسن النبي فيه شيئا من ذلك.
وأما الإجماع: فإن إمامته ثبتت من جهته من وجوه:
منها: أنهم قد أجمعوا جميعا أن عليا - عليه السلام - قد كان إماما ولو يوما واحدا، ولم يختلف في ذلك أصناف أهل الإمامة، ثم اختلفوا، فقالت طائفة:
كان إماما في وقت كذا وكذا، وقالت طائفة: بل كان إماما بعد النبي - صلى الله عليه وآله - في جميع أوقاته، ولم تجمع الأمة على غيره أنه كان إماما في الحقيقة طرفة عين، والإجماع أحق أن يتبع من الاختلاف.
ومنها: أنهم أجمعوا جميعا على أن عليا عليه السلام كان يصلح للإمامة وأن