فأشخصته من حرم الله إلى الكوفة، فخرج منها خائفا يترقب، وقد كان أعز أهل البطحاء بالبطحاء قديما، وأعز أهلها بها حديثا، وأطوع أهل الحرمين بالحرمين لو تبوأ بها مقاما واستحل بها قتالا، ولكن كره أن يكون هو الذي يستحل حرمة البيت وحرمة رسول الله صلى الله عليه وآله فأكبر من ذلك ما لم تكبر، حيث دسست إليه الرجال فيها ليقاتل في الحرم، وما لم يكبر ابن الزبير، حيث ألحد بالبيت الحرام وعرضه للعائر وأراقل العالم. وأنت لأنت المستحل فيما أظن بل لا شك فيه أنك للمحرف العريف، فإنك حلف نسوة صاحب ملاه، فلما رأى سوء رأيك شخص إلى العراق ولم يبتغك ضرابا وكان أمر الله قدرا مقدورا.
ثم إنك الكاتب إلى ابن مرجانة أن يستقبل حسينا بالرجال، وأمرته بمعاجلته وترك مطاولته والإلحاح عليه حتى يقتله ومن معه من بني عبد المطلب، أهل البيت الذين أذهب الله عنهم الرجس وطهرهم تطهيرا، فنحن أولئك لسنا كآبائك الأجلاف الجفاة الأكباد الحمير.
ثم طلب الحسين بن علي إليه الموادعة وسألهم الرجعة، فاغتنمتم قلة أنصاره واستئصال أهل بيته فعدوتم عليهم، فقتلوهم كأنما قتلوا أهل بيت من الترك والكفر.
فلا شئ عندي أعجب من طلبك ودي ونصري وقد قتلت بني أبي وسيفك يقطر من دمي! وأنت آخذ ثاري، فإن يشأ الله لا يطل لديك دمي ولا تسبقني بثأري، وإن سبقتني به في الدنيا فقبلنا ما قتل النبيون وآل النبيين، وكان الله الموعد وكفى به للمظلومين ناصرا ومن الظالمين منتقما، فلا يعجبنك إن ظفرت بنا اليوم، فوالله لنظفرن بك يوما.
فأما ما ذكرت من وفائي وما زعمت من حقي: فإن يك ذلك كذلك، فقد والله بايعت أباك وإني لأعلم أن بني عمي وجميع بني أبي أحق بهذا الأمر من