عليه السلام - ولن يصح بأدلة أذكرها بعد - فإن الوجه فيه أن الفاضل بينه وبين الرجلين إنما وجب عليه حد المفتري من حيث أوجب لهما بالمفاضلة ما لا يستحقانه من الفضل، لأن المفاضلة لا يكون إلا بين مقارنين في الفضل وبعد أن يكون في المفضول فضل، وإذا كانت الدلائل على أن من لا طاعة معه لا فضل له في الدين، وأن المرتد عن الإسلام ليس فيه شئ من الفضل الديني، وكان الرجلان بجحدهما النص قبل قد خرجا عن الإيمان، بطل أن يكون لهما فضل في الإسلام، فكيف يحصل لهما من الفضل ما يقارب فضل أمير المؤمنين عليه السلام؟ ومتى فضل إنسان أمير المؤمنين عليه السلام عليهما فقد أوجب لهما فضلا في الدين. فإنما استحق حد المفتري الذي هو كاذب دون المفتري الذي هو راجم بالقبيح، لأنه أفترى بالتفضيل لأمير المؤمنين عليه السلام عليهما من حيث كذب في إثبات فضل لهما في الدين، ويجري في هذا الباب مجرى من فضل البر التقي على الكافر المرتد الخارج عن الدين، ومجرى من فضل جبرئيل عليه السلام على إبليس، ورسول الله صلى الله عليه وآله على أبي جهل بن هشام، في أن المفاضلة بين من ذكرناه يوجب لمن لا فضل له على وجه فضلا مقاربا لفضل العظماء عند الله تعالى، وهذا بين لمن تأمله.
مع أنه لو كان هذا الحديث صحيحا وتأويله على ما ظنه القوم يوجب أن يكون حد المفتري واجبا على الرسول صلى الله عليه وآله وحاشا له من ذلك!
لأن رسول الله صلى الله عليه وآله قد فضل أمير المؤمنين عليه السلام - على سائر الخلق، وآخى بينه وبين نفسه، وجعله بحكم الله في المباهلة نفسه، وسد أبواب القوم إلا بابه، ورد أكثر الصحابة عن إنكاحهم ابنته سيدة نساء العالمين عليها السلام وأنكحه، وقدمه في الولايات كلها ولم يؤخره، وأخبر أنه يحب الله ورسوله ويحبه الله ورسوله، وأنه أحب الخلق إلى الله تعالى، وأنه مولى من كان مولاه من الأنام، وأنه منه بمنزلة هارون من موسى بن عمران، وأنه أفضل من