ألف رجل، فما زال يجتمع رجل رجل حتى اجتمع أربعة آلاف رجل، فخرجوا شاهرين أسيافهم يقدمهم عمر بن الخطاب حتى وقفوا بمسجد النبي صلى الله عليه وآله، فقال عمر: والله يا صحابة علي، لئن ذهب الرجل منكم يتكلم بالذي تكلم به بالأمس لنأخذن الذي فيه عيناه.
فقام إليه خالد بن سعيد بن العاص وقال:
يا ابن صهاك الحبشية! أبأسيافكم تهددونا؟ أم بجمعكم تفزعونا؟
والله إن أسيافنا أحد من أسيافكم، وإنا لأكثر منكم وإن كنا قليلين، لأن حجة الله فينا، والله لولا أني أعلم أن طاعة إمامي أولى بي لشهرت سيفي ولجاهدتكم في الله إلى أن أبلي عذري. فقال له أمير المؤمنين: اجلس يا خالد، فقد عرف الله مقامك و شكر لك سعيك، فجلس.
وقام إليه سلمان الفارسي وقال:
الله أكبر! الله أكبر! سمعت رسول الله صلى الله عليه وآله وإلا صمتا، يقول: بينا أخي وابن عمي جالس في مسجدي مع نفر من أصحابه، إذ يكبسه جماعة من كلاب أهل النار يريدون قتله وقتل من معه، ولست أشك إلا وأنكم هم! فهم به عمر بن الخطاب.
فوثب إليه أمير المؤمنين عليه السلام وأخذ بمجامع ثوبه ثم جلد به الأرض، ثم قال: يا ابن صهاك الحبشية! لولا كتاب من الله سبق وعهد من رسول الله صلى الله عليه وآله تقدم لأريتك أينا أضعف ناصرا وأقل عددا، ثم التفت إلى أصحابه، فقال: انصرفوا رحمكم الله، فوالله لا دخلت المسجد إلا كما دخل أخواي موسى وهارون، إذ قال له أصحابه: إذهب أنت وربك فقاتلا إنا هاهنا قاعدون، والله لا أدخل إلا لزيارة رسول الله صلى الله عليه وآله أو لقضية أقضيها،