ومناقب منك، وأقرب من رسول الله صلى الله عليه وآله قرابة وقدمة في حياته، وقد أوعز إليكم، فتركتم قوله وتناسيتم وصيته، فعما قليل يصفو لك الأمر، حين تزور القبور وقد أثقلت ظهرك من الأوزار، لو حملت إلى قبرك لقدمت على ما قدمت، فلو راجعت الحق وأنصفت أهله لكان ذلك نجاة لك يوم تحتاج إلى عملك وتفرد في حفرتك بذنوبك، وقد سمعت كما سمعنا ورأيت كما رأينا، فلم يردعك ذلك عما أنت له فاعل، فالله الله! في نفسك، فقد أعذر من أنذر.
ثم قام المقداد بن الأسود - رحمه الله - فقال:
يا أبا بكر! إربع على نفسك، وقس شبرك بفترك، والزم بيتك، وابك على خطيئتك، فإن ذلك أسلم لك في حياتك ومماتك، ورد هذا الأمر إلى حيث جعله الله عز وجل ورسوله صلى الله عليه وآله، ولا تركن إلى الدنيا، ولا يغرنك من قد ترى من أوغادها، فعما قليل تضمحل دنياك، ثم تصير إلى ربك فيجزيك بعملك، وقد علمت أن هذا الأمر لعلي، وهو صاحبه بعد رسول الله صلى الله عليه وآله، وقد نصحتك إن قبلت نصحي.
ثم قام بريدة الأسلمي فقال:
يا أبا بكر! نسيت أم تناسيت؟ أم خادعتك نفسك؟ أما نذكر إذ أمرنا رسول الله صلى الله عليه وآله فسلمنا على علي بإمرة المؤمنين ونبينا بين أظهرنا؟ فاتق الله ربك، وأدرك نفسك قبل أن لا تدركها، وأنقذها من هلكتها، ودع هذا الأمر وكله إلى من هو أحق به منك، ولا تماد في غيك، وارجع وأنت تستطيع الرجوع، وقد منحتك نصحي وبذلت لك ما عندي، وإن قبلت وفقت ورشدت.