ورأيت كما رأينا، فلم يردعك ذلك عما أنت متشبث به من هذا الأمر الذي لا عذر لك في تقلده، ولاحظ للدين والمسلمين في قيامك به، فالله الله في نفسك!
فقد أعذر من أنذر، ولا تكن كمن أدبر واستكبر.
ثم قام أبو ذر:
فقال: يا معاشر قريش! أصبتم قباحة وتركتم قرابة، والله! لترتدن جماعة من العرب ولتشكن في هذا الدين، ولو جعلتم الأمر في أهل بيت نبيكم ما اختلف عليكم سيفان، والله! لقد صارت لمن غلب، ولتطمحن إليها عين من ليس من أهلها وليسفكن في طلبها دماء كثيرة - فكان كما قال أبو ذر - ثم قال: لقد علمتم وعلم خياركم أن رسول الله صلى الله عليه وآله قال: الأمر بعدي لعلي، ثم لابني الحسن والحسين، ثم للطاهرين من ذريتي، فأطرحتم قول نبيكم، وتناسيتم ما عهد به إليكم، فأطعتم الدنيا الفانية، وبعتم الآخرة الباقية، التي لا يهرم شبابها ولا يزول نعيمها ولا يحزن أهلها ولا تموت سكانها، بالحقير التافه الفاني الزائل، وكذلك الأمم من قبلكم كفرت بعد أنبيائها ونكصت على أعقابها وغيرت وبدلت واختلفت، فساويتموهم حذو النعل بالنعل والقذة بالقذة، وعما قليل تذوقون وبال أمركم، وتجزون بما قدمت أيديكم، وما الله بظلام للعبيد.
ثم قام المقداد بن الأسود وقال:
ارجع يا أبا بكر عن ظلمك، وتب إلى ربك، والزم بيتك، وابك على خطيئتك، وسلم الأمر لصاحبه الذي هو أولى به منك، فقد علمت ما عقده رسول الله صلى الله عليه وآله في عنقك من بيعته، وألزمك من النفوذ تحت راية أسامة بن زيد وهو مولاه، ونبه على بطلان وجوب هذا الأمر لك ولمن عضدك