فوا الله! إنكم بعده لمختلفون في أحكامكم، وإنكم بعده لناقضون عهد رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم، وإنكم على عترته لمختلفون ومتباغضون، إن سئل هذا عن غير ما علم أفتى برأيه، وإن سئل هذا عما يعلم أفتى برأيه، فقد تحاريتم وزعمتم أن الاختلاف رحمة، هيهات! أبى كتاب الله ذلك عليكم، يقول الله تبارك وتعالى: " ولا تكونوا كالذين تفرقوا واختلفوا من بعد ما جاءهم البينات أولئك لهم عذاب عظيم " وأخبرنا باختلافهم، فقال: " ولا يزالون مختلفين إلا من رحم ربك ولذلك خلقهم " أي للرحمة، وهم آل محمد وشيعتهم، وسمعت رسول الله صلى الله عليه وآله يقول: يا علي أنت وشيعتك على الفطرة والناس منها براء.
فهلا قبلتم من نبيكم؟ كيف! وهو يخبركم بانتكاصكم، وينهاكم عن خلاف وصيه وأمينه ووزيره وأخيه ووليه، أطهركم قلبا وأعلمكم علما وأقدمكم إسلاما وأعظمكم غناء عن رسول الله صلى الله عليه وآله، أعطاه تراثه وأوصاه بعداته واستخلفه على أمته ووضع عنده سره فهو وليه دونكم أجمعين، وأحق به منكم أكتعين، سيد الوصيين، وأفضل المتقين، وأطوع الأمة لرب العالمين، وسلم عليه بخلافة المؤمنين في حياة سيد النبيين وخاتم المرسلين.
فقد أعذر من أنذر، وأدى النصيحة من وعظ، وبصر من عمى وتعاشى وردى، فقد سمعتم كما سمعنا، ورأيتم كما رأينا، وشهدتم كما شهدنا.
فقام عبد الرحمن بن عوف وأبو عبيدة بن الجراح ومعاذ بن جبل، فقالوا:
اقعد يا أبي! أصابك خبل أم أصابتك جنة؟ فقال: بل الخبل فيكم، كنت عند رسول الله صلى الله عليه وآله فألفيته يكلم رجلا وأسمع كلامه ولا أرى وجهه.
[فقال فيما يخاطبه: ما أنصحه لك ولأمتك وأعلمه بسنتك! فقال رسول الله أفترى أمتي تنقاد له من بعدي؟ قال: يا محمد يتبعه من أمتك أبرارها، ويخالف