يا أمير المؤمنين ما كان أخي خفي المقام ذليل المكان، ولكن كما قالت الخنساء:
وإن صخرا لتأتم الهداة به * كأنه علم في رأسه نار (وفي بلاغات النساء: قالت: إي الله! ما مثلي من رغب عن الحق أو اعتذر بالكذب. قال لها: فما حملك على ذلك؟ قالت: حب علي عليه السلام واتباع الحق، قال: فوالله ما أرى عليك من أثر علي شيئا، قالت: أنشدك الله يا أمير المؤمنين! وإعادة ما مضى وتذكار ما قد نسي، قال: هيهات! ما مثل مقام أخيك ينسى، وما لقيت من أحد ما لقيت من قومك وأخيك، قالت: صدق فوك، لم يكن أخي ذميم المقام ولا خفي المكان، كان والله كقول الخنساء:) وبالله أسأل أمير المؤمنين إعفائي مما استعفيته، قال: قد فعلت، فقولي حاجتك.
قالت: يا أمير المؤمنين إنك للناس سيد ولأمورهم مقلد، والله سائلك عما افترض عليك من حقنا، ولا تزال تقدم علينا من ينهض [ينوء خ] بعزك ويبسط سلطانك [يبطش بسلطانك خ] فيحصدنا حصاد السنبل ويدوسنا دياس البقر ويسومنا الخسيسة ويسألنا [يسلبنا خ] الجليلة، هذا (بسر) بن أرطاة قدم بلادي [قدم علينا من قبلك خ] وقتل رجالي وأخذ مالي (يقول لي فوهي بما استعصم الله منه وألجأ إليه فيه) ولولا الطاعة لكان فينا عز ومنعة، فإما عزلته عنا فشكرناك، وإما لا فعرفناك.
فقال معاوية: إياي تهددين بقومك، والله لقد هممت أن أردك إليه على قتب أشرس، فينفذ حكمه فيك، فسكتت ثم قالت:
صلى الإله على روح تضمنه * قبر فأصبح فيه العدل مدفونا قد حالف الحق لا يبغي به ثمنا [بدلاخ] * فصار بالحق والإيمان مقرونا قال: ومن ذلك؟ قالت: علي بن أبي طالب رحمه الله تعالى، قال: ما أرى عليك منه أثرا، قال: بلى أتيته يوما في رجل ولاه صدقاتنا، فكان بيننا وبينه ما بين الغث والسمين، فوجدته قائما يصلي فانفتل من الصلاة، ثم قال برأفة