عني مشاهدة هذا الملعون - يعني يحيى بن خالد - قال: قلت: جعلت فداك!
لا يكون إلا خيرا، فتحرز ما أمكنك، فقال لي: يا يونس! أترى التحرز عن أمر يريد الله إظهاره على لساني؟ أنى يكون ذلك! ولكن قم بنا على حول الله وقوته.
فركب هشام بغلا كان مع رسوله، وركبت أنا حمارا كان لهشام، قال:
فدخلنا المجلس، فإذا هو مشحون بالمتكلمين! قال: فمضى هشام نحو يحيى فسلم عليه وسلم على القوم وجلس قريبا منه، وجلست أنا حيث انتهى بي المجلس.
قال: فأقبل يحيى على هاشم بعد ساعة، فقال: إن القوم حضروا وكنا مع حضورهم نحب أن تحضر، لا لأن تناظر، بل لأن نأنس بحضورك إن كانت العلة تقطعك عن المناظرة، وأنت بحمد الله صالح وليست علتك بقاطعة من المناظرة، وهؤلاء القوم قد تراضوا بك حكما بينهم.
قال: فقال هشام: ما لموضع الذي تناهت به المناظرة؟ فأخبره كل فريق منهم بموضع مقطعه، فكان من ذلك أن حكم لبعض على بعض، فكان من المحكومين عليه " سليمان بن جرير " فحقدها على هشام.
قال: ثم إن يحيى بن خالد قال لهشام: إنا قد أعرضنا عن المناظرة والمجادلة منذ اليوم، ولكن إن رأيت أن تبين عن فساد اختيار الناس الإمام وأن الإمامة في آل بيت الرسول دون غيرهم! قال هشام: أيها الوزير! العلة تقطعني عن ذلك، ولعل معترضا يعترض فيكتسب المناظرة والخصومة. قال:
إن اعترض معترض قبل أن تبلغ مرادك وغرضك فليس ذلك له، بل عليه أن يحفظ المواضع التي له فيها مطعن فيقفها إلى فراغك ولا يقطع عليك كلامك.
فبدأ هشام وساق الذكر لذلك وأطال واختصرنا منه موضع الحاجة.