سار الحسين بن علي رضي الله عنه إلى العراق، فإذا هو بابن الزبير في جماعة من قريش قد استعلاهم بالكلام فجاء ابن عباس حتى ضرب بيده بين عضدي ابن الزبير، وقال: أصبحت والله كما قال الأول:
يا لك من حمرة بمعمر! خلا لك الجو فبيضي واصفري!
ونقري ما شئت إن تنقري قد رفع الفخ فماذا تحذري؟
خلت الحجاز من الحسين بن علي وأقبلت تهدر في جوانبها.
فغضب ابن الزبير وقال: والله إنك لترى أنك أحق بهذا الأمر من غيرك.
فقال ابن عباس: إنما يرى ذلك من كان في حال شك وأنا من ذلك على يقين.
فقال: وبأي شئ عندك أنك أحق بهذا الأمر مني؟ قال ابن عباس: لأنا أحق ممن يدل بحقه، وبأي شئ تحقق عندك أنك أحق بها من سائر العرب إلا بنا؟ فقال ابن الزبير: تحقق عندي أني أحق بها منك لشرفي عليكم قديما وحديثا.
فقال: أنت أشرف أم من قد شرفت به؟ فقال: إن من شرفت به زادني شرف إلى شرف قد كان لي قديما وحديثا.
قال: أفمني الزيادة أم منك؟ قال: بل منك. فتبسم ابن عباس فقال:
يا ابن عباس، دعني من لسانك هذا الذي تقلبه كيف شئت، والله لا تحبوننا يا بني هاشم أبدا. قال ابن عباس: صدقت، نحن أهل بيت مع الله عز وجل لا نحب من أبغضه الله تعالى.
قال: يا ابن عباس، ما ينبغي لك أن تصفح عن كلمة واحدة؟ قال: إنما أصفح عمن أقر، وأما عمن هر فلا، والفضل لأهل الفضل. قال ابن الزبير:
فأين الفضل؟ قال: عندنا أهل البيت لا تصرفه عن أهله فتظلم ولا تضعه عند غير أهله فتندم.