خلص إليه والى أهل بيته ولم يبق معه غير سويد بن أبي عمر، وابن أبي المطاع الخثعمي وبشير بن عمرو الحضرمي، قلت له: يا ابن رسول الله! قد علمت ما كان بيني وبينك، قلت لك: أقاتل عنك ما رأيت مقاتلا فإذا لم أر مقاتلا فانا في حل من الانصراف، فقلت لي: نعم قال: فقال: صدقت وكيف لك بالنجاء ان قدرت على ذلك فأنت في حل قال: فأقبلت إلى فرسي وقد كنت حيث رأيت خيل أصحابنا تعقر أقبلت بها حتى أدخلتها فسطاطا لأصحابنا بين البيوت وأقبلت أقاتل معهم راجلا فقتلت يومئذ بين يدي الحسين رجلين وقطعت يد آخر، وقال لي الحسين: يومئذ مرارا لا تشلل لا يقطع الله يدك جزاك الله خيرا عن أهل بيت نبيك (ص) فلما أذن لي استخرجت الفرس من الفسطاط ثم استويت على متنها ثم ضربتها حتى إذا قامت على السنابك رميت بها عرض القوم فأفر جوالي وأتبعني منهم خمسة عشر رجلا حتى انتهيت إلى شفية، قرية قريبة من شاطئ الفرات فلما لحقوني عطفت عليهم فعرفني كثير بن عبد الله الشعبي وأيوب بن مشرح الخيواني وقيس بن عبد الله الصائدي وقالوا: هذا الضحاك بن عبد الله المشرقي، هذا ابن عمنا ننشدكم الله لما كففتم عنه فقال ثلاثة نفر من بني تميم كانوا معهم: بلى والله لنجيبن اخواننا وأهل دعوتنا إلى ما أحبوا من الكف عن صاحبهم، قال: فلما تابع التميميون أصحابي كف الآخرون قال: فنجاني الله.
قال الطبري: وكان آخر من بقي مع الحسين من أصحابه سويد بن عمرو بن أبي المطاع الخثعمي.
قال المؤلف: إلى هنا أوردنا أخبار تاريخ الطبري في مقتل أصحاب الحسين دون أن نلتزم بسياقه في ترتيب ذكر الحوادث لما يظهر منه عدم الاكتراث بذكر الحوادث كما وقعت ولم يكن ترتيبنا أيضا بنتيجة البحث العلمي في غير أخبار الطبري وإنما لاحظنا القرائن الدالة في أخباره على الترتيب الذي أوردناه وصرحنا بمصادر الاخبار التي أضفناها إلى أخباره، وبما أن الطبري لم يستوعب في تاريخه جميع أخبار أصحاب الحسين وكان في بعضها مزيد ايضاح لما نحن بصدده من درك سبب استشهاد الحسين نورد يسيرا منها في ما يلي.