المسلمون زهاء خمس وعشرين سنة مدة حكومة الخلفاء الثلاثة قبله، وهذا ما أشار إليه سليم بن قيس حين قال لأمير المؤمنين:
" اني سمعت من سلمان والمقداد وأبي ذر شيئا من تفسير القرآن وأحاديث عن نبي الله (ص) أنتم تخالفونهم فيها، وتزعمون أن ذلك كله باطل، افترى الناس يكذبون على رسول الله متعمدين ويفسرون القرآن برأيهم...؟ " كان ما سمعه سليم من سلمان وأبي ذر والمقداد وليس غيرهم قبل هذا، بتكتم وائتمان على سر، ثم سمعه بعد ذلك من أمير المؤمنين وصحبه جهارا وفي غير سر من قبل مناشدة أمير المؤمنين الركبان في رحبة مسجد الكوفة: من سمع النبي يقول في غدير خم (من كنت مولاه فهذا علي مولاه) فليشهد. فقام اثنا عشر بدريا وشهدوا بذلك. وما كشفه عن واقع الامر في خطبته الشقشقية حين قال:
" أما والله لقد تقمصها فلان - ابن أبي قحافة - وانه ليعلم ان محلي منها محل القطب من الرحى ينحدر عنى السيل ولا يرقى إلي الطير فسدلت دونها ثوبا وطويت عنها كشحا وطفقت أرتأي بين أن أصول بيد جذاء أو أصبر على طخية عمياء يهرم فيها الكبير ويشيب فيها الصغير ويكدح فيها مؤمن حتى يلقى ربه، فرأيت أن الصبر على هاتا أحجى فصبرت وفي العين قذى وفي الحلق شجى أرى تراثي نهبا حتى مضى الأول لسبيله فأدلى إلى فلان بعده.
شتان ما يومى على كورها * ويوم حيان أخي جابر فيا عجبا بينا هو يستقيلها في حياته، إذ عقدها لآخر بعد وفاته، لشد ما تشطرا ضرعيها فصيرها في حوزة خشناء يغلظ كلامها، ويخشن مسها، ويكثر العثار فيها، والاعتذار منها، فصاحبها كراكب الصعبة إن أشنق لها خرم، وإن أسلس لها تقحم، فمنى الناس لعمر الله - بخبط وشماس وتلون واعتراض، فصبرت على طول المدة وشدة المحنة، حتى إذا مضى لسبيله جعلها في جماعة زعم أنى أحدهم، فيا لله وللشورى متى اعترض الريب في مع الأول منهم حتى صرت أقرن إلى هذه النظائر!!
لكني أسففت إذ أسفوا وطرت إذ طاروا، فصغى رجل منهم لضغنه ومال الآخر لصهره مع هن وهن إلى أن قام ثالث القوم نافجا حضنيه بين نثيله ومعتلفه، وقام معه بنو أبيه يخضمون مال الله خضمة الإبل نبتة الربيع إلى أن انتكث فتله، وأجهز عليه عمله وكبت به بطنته فما راعني إلا والناس كعرف الضبع إلي ينثالون علي من كل