فقال: لا والله أتان من أتن الحجاز وحشية. فقال الكميت: الحمد لله. قال هشام: نعم الحمد لله. ما هذا؟ قال الكميت: مبتدئ الحمد ومبتدعه، الذي خص بالحمد نفسه، وأمر به ملائكته، وجعله فاتحة كتابه، ومنتهى شكره، وكلام أهل جنته، أحمد حمد من علم يقينا، وأبصر مستبينا، وأشهد له بما شهد به لنفسه، قائما بالقسط وحده لا شريك له، وأشهد أن محمدا عبده العربي، ورسوله الأمي، أرسله و الناس في هفوات حيرة، ومدلهمات ظلمة، عند استمرار أبهة الضلال، فبلغ عن الله ما أمر به، ونصح لأمته، وجاهد في سبيله، وعبد ربه حتى أتاه اليقين، صلى الله عليه وسلم. ثم تكلم واعتذر عن هجاؤه بني أمية وأنشد أبياتا من رائيته في مدحهم فقال له هشام: ويلك يا كميت من زين لك الغواية ودلاك في العماية؟ قال: الذي أخرج أبانا من الجنة وأنساه العهد فلم يجد له عزما. فقال له: إيه يا كميت؟ ألست القائل؟:
فيا موقدا نارا لغيرك ضوءها * ويا حاطبا في غير حبلك تحطب فقال: بل أنا القائل:
إلى آل بيت أبي مالك * مناخ هو الأرحب الأسهل نمت بأرحامنا الداخلات * من حيث لا ينكر المدخل بمرة والنضر والمالكين * رهط هم الأنبل الأنبل وجدنا قريشا قريش البطاح * على ما بنى الأول الأول بهم صلح الله بعد الفساد * وحيص من الفتق ما رعبلوا (1) قال له: وأنت القائل:
لا كعبد المليك أو كوليد * أو سليمان بعد أو كهشام من يمت لا يمت فقيدا ومن يحيى * فلا ذو إل ولا ذو ذمام ويلك يا كميت جعلتنا ممن لا يرقب في مؤمن إلا ولا ذمة. فقال: بل أنا القائل يا أمير المؤمنين؟:
فالآن صرت إلى أمية والأمور إلى المصائر والآن صرت بها إلى المصيب كمهتد بالأمس حائر