(الكهانة) فقال له: لا بد أن تحولني. فخرج به إلى بني علقمة وكانوا يتشيعون فأقام فيهم، ولم يصبح حتى سقط الحايط الذي سقط عليه الغراب.
قال المستهل: وأقام الكميت مدة متواريا حتى إذا أيقن أن الطلب خف عنه خرج ليلا في جماعة من بني أسد وبني تميم وأرسل إلى أشرف قريش وكان سيدهم يومئذ عنبسة بن سعيد بن العاص فمشت رجالات قريش بعضها إلى بعض وأتوا عنبسة فقالوا: يا أبا خالد هذه مكرمة أتاك بها الله تعالى، هذا: الكميت بن زيد لسان مضر، وكان أمير المؤمنين قد كتب في قتله فنجا حتى تخلص إليك وإلينا. قال: فمروه أن يعوذ بقبر معاوية بن هشام بدير حنيناء. فمضى الكميت فضرب فسطاطه عند قبره، ومضى عنبسة فأتى مسلمة بن هشام فقال: يا أبا شاكر؟ مكرمة أتيتك بها تبلغ الثريا إن اعتقدتها فإن علمت أنك تفي بها وإلا كتمتها. قال: وما هي؟ فأخبره الخبر وقال: إنه قد مدحكم عامة وإياك خاصة بما لم يسمع بمثله. فقال: علي خلاصه فدخل على أبيه هشام وهو عند أمه في غير وقت دخول فقال له هشام: أجئت لحاجة؟ قال: نعم. قال:
هي مقضية إلا أن تكون الكميت. فقال: ما أحب أن تستثني علي في حاجتي وما أنا والكميت. فقالت أمه: والله لتقضين حاجته كائنة ما كانت قال: قد قضيتها ولو أحاطت بما بين قطريها. قال: يا أمير المؤمنين؟ وهو آمن بأمان الله عز وجل أماني وهو شاعر مضر وقد قال فينا قولا لم يقل مثله. قال: قد أمنته وأجزت أمانك له، فأجلس له مجلسا ينشدك فيه ما قال فينا. فعقد مجلسا وعنده الأبرش الكلبي فتكلم بخطبة ارتجلها ما سمع بمثلها قط، وامتدحه بقصيدته الرائية ويقال: إنه قالها ارتجالا وهي قوله:
قف بالديار وقوف زائر.....
فمضى فيها حتى انتهى إلى قوله:
ماذا عليك من الوقوف * بها إنك غير صاغر؟
درجت عليك الغاديات * الرابحات من الأعاصر ويقول فيها:
فالآن صرت إلى أمية * والأمور إلى المصائر